نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

تربية طفل عنيد تحتاج إلى الصبر والهدوء، والتعاطف في هذا المقال سوف تتعرف على طريقة التعامل مع الطفل العنيد.
أعتقد أننا كثقافة بحاجة لإعادة النظر في كيفية التعامل مع الطفل العنيد ونظرتنا لـ “الطفل العنيد”. فالطفل المطيع الخاضع يبدو أسهل في التعامل، لا يُتعب الأهل في الحياة اليومية، لطيف في التجمعات ويترك انطباعًا جيدًا أمام الناس وغالبًا ما يُقال عنه إنه “ابن ناس” أو “طفل مؤدب”.
لكن..
هل يعني ذلك أن الطفل العنيد الطفل الذي يناقش ويرفض ويتمسّك برأيه هو طفل “سيئ”؟ هل العناد يعني خللًا في التربية؟ أم أنه ببساطة شخصية قوية تحتاج إلى فهم مختلف؟
العناد ليس عيبًا دائمًا لأنه أحيانًا يكون صوت الطفل وهو يحاول أن يقول “أنا موجود… ورأيي له قيمة.”
الطفل العنيد ليس طفلًا سيئًا بل هو طفل لديه روح مستقلة، يحتاج أن نعلّمه كيف يعبّر عن نفسه بطريقة صحيحة لا أن نُخمّد صوته فقط لأنه لا يُريحنا.
فبدل أن نكافئ “الهدوء المطلق” ونعاقب “الاعتراض” ربما حان الوقت أن نحتضن الاختلاف ونفهم أن لكل طفل طريقته في التعبير… والعناد ليس دائمًا تحديًا بل قد يكون فرصة لبناء شخصية قيادية وواعية.
كيف أتعامل مع الطفل العنيد؟ دليلك العملي خطوة بخطوة
1. قدّم خيارات
الأطفال الذين يتمتعون بشخصية عنيدة يحبّون الشعور بالتحكم ولذلك من المهم أن نعطيهم فرصًا لاتخاذ قرارات خاصة بهم، خاصة في الأمور اليومية البسيطة.
فمثلا دعهم يختارون في أشياء لا تؤثر على الأمور الكبيرة، مثل ماذا يرتدون أو لون الكوب الذي يستخدمونه.
لكن من المهم أيضا أن تكون هذه الخيارات ذكية ومحدودة بحيث تقود إلى نتائج جيدة في كل الأحوال.
على سبيل المثال ,عندما يكون الطقس باردًا يمكن أن تقول لابنتك “هل تفضلين ارتداء القميص الوردي أم الأزرق؟”
فبغض النظر عن اختيارها,هي سترتدي شيئًا دافئًا وكذلك عندما تسألها “هل تريدين تناول التوت أم البرتقال؟” ففي الحالتين، ستتناول فاكهة مفيدة.
2 . تصرف بهدؤ
في بعض الأحيان لا يكون ما نراه “عنادًا” عنادًا حقيقيًا فربما يُطلب من الطفل أن يفعل شيئًا لا يمتلك المهارات اللازمة للقيام به بعد. أو ربما يشعر بالإرهاق من البيئة المحيطة ولم يتعلم بعد كيف يواجه هذه المشاعر.
خذ نفسًا عميقًا واسأل أسئلة بسيطة، واستمع جيدًا لما يحاول طفلك قوله لأن هذا قد يساعدك في فهم ما الذي يختبئ خلف سلوكه.
كذلك حاول أن تحدد المواقف التي تتكرر فيها الخلافات مثل: وقت الخروج من البيت أو موعد النوم. هل طفلك يتمسّك برأيه بشدة عند تنظيف الأسنان؟ هل يرفض مغادرة بيت صديقه؟ فكر: هل يشعر بأنه مضغوط؟ فربما كل ما يحتاجه هو وقت إضافي وتوجيه هادئ.
3 . ضع قواعد واضحة وتوقعات ثابتة
رغم أنك ترغب في أن تترك لطفلك مساحة ليعبّر عن نفسه ويتخذ قراراته بنفسه، من الضروري أيضًا وضع قواعد واضحة في البيت.
تقول الخبيرة التربوية لوري أندرسون:
"أسهل طريقة لتطبيق القواعد هي من خلال الروتين الثابت, مثلًا: أداء الواجب بعد المدرسة مباشرة وموعد نوم محدد كل ليلة."
ومع الوقت سيتعوّد الطفل على القيام بهذه الأمور من تلقاء نفسه دون أن تظل تلاحقه مما يعزز شعوره بالاستقلالية.
ببساطة القواعد جزء طبيعي من الحياة والتعوّد عليها في المنزل يُساعد الطفل على التكيّف لاحقًا مع الحياة في المجتمع.
ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) فالقواعد تعطي الطفل إحساسًا بالاستقرار والتنظيم. ورغم أن الأطفال سيكسرون القواعد أحيانًا فإن الثبات في تطبيق العواقب عند كسرها مهم جدًا لبناء الانضباط الذاتي.
ومع تقدُّم الطفل في العمر يمكنك إشراكه في النقاش حول القواعد والحدود حتى يشعر أن له رأيًا ومسؤولية، ويفهم السبب وراء كل قاعدة توضع له.
تعرف على: أسباب العناد عند الأطفال
4 . كن قدوة حسنة
قبل أن تطلب من طفلك أن يتصرف بهدوء أو حكمة، اسأل نفسك أولًا:
هل أُظهر له هذا السلوك في تصرفاتي اليومية؟
إذا كنت ترد بعناد أو غضب في المواقف الصعبة، فمن الطبيعي أن يقلّدك طفلك ويتشبّث برأيه هو أيضًا. لكن إذا رأى منك هدوءًا وتعاطفًا، فسيتعلّم كيف يعبر عن مشاعره ويتعامل معها بطريقة صحية.
• تفهَّم مشاعره وكن مستمعًا جيدًا
أظهر لطفلك أنك تستمع له وتتفهم ما يشعر به. قل له: “أعلم أنك غاضب الآن وهذا شعور طبيعي.”
مجرد الاعتراف بمشاعره يساعده على الهدوء.
• علّمه طرقًا بسيطة للتهدئة
من الأفضل أن يتعلّم الطفل مهارات التهدئة قبل أن يمر بلحظة غضب اسأله مثلًا:
“متى تشعر بأنك متوتر أو حزين؟”
ثم ناقشه في ما يمكنه فعله في تلك اللحظات، مثل:
- التنفس ببطء وعمق
- الجلوس في مكان هادئ
- المشي في الهواء الطلق
- العد من 1 إلى 10
ودرّبه على هذه الطرق وهو هادئ حتى يعرف كيف يستخدمها عندما يكون غاضبًا.
• ساعده على فهم مشاعره بالكلمات
مع الأطفال الأصغر سنًا اسألهم خلال اليوم:
“هل أنت سعيد؟ متحمّس؟ حزين؟ غاضب؟”
وعندما يظهر عليه الضيق اسأله بلطف: “هل ترغب في الحديث عمّا يزعجك؟”
إذا قال لا أعطه بعض الوقت ثم عُد وساعده على التعبير.
• شجّعه على الصراحة
عندما ينجح طفلك في تهدئة نفسه أو يعبّر عن مشاعره، امدحه بلطف:
“أحسنت لأنك أخبرتني بما تشعر، هذا تصرّف رائع.”
ولا تنسَ أن لمسة حنونة أو حضن بسيط قد يكون له تأثير كبير في كيفية التعامل مع الطفل العنيد.
في النهاية التربية ليست فقط في الكلمات بل في الأفعال والمواقف اليومية كما أن الطفل يتعلّم أكثر بالتجربة والفهم.
تعرّف أكثر على: كيفية التعامل مع الطفل العصبي والعنيد بشكل صحيح
الخلاصة:
الأطفال العنيدون غالبًا ما يكونون أصحاب شخصية حازمة ومليئة بالشغف والإصراروهي في الحقيقة صفات رائعة.
صحيح أن عنادهم قد يكون صعبًا في بعض اللحظات لكنه أيضًا دليل على قوة داخلية تستحق التقدير.
بالحب والصبر، والثبات في التربية يمكنكِ أن تساعد طفلك العنيد ليكبر ويصبح شخصًا مستقلًا وحرّ التفكير.
ولا تتفاجئ إن كان هذا “العناد” نفسه هو أكثر ما ستحبه فيه لاحقًا.