أسباب الكذب عند الأطفال

الكذب سلوك معقد يظهر في كل الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال. وعند الحديث عن أسباب الكذب عند الأطفال، فمن المهم أن نفهم أن الكذب جزء طبيعي من تطور الطفل وليس بالضرورة علامة على مشكلة خطيرة. يمر الطفل بمراحل متعددة في تطوره المعرفي والعاطفي والاجتماعي، وقد يبدأ بالكذب أثناء ممارسته لاستكشاف هذه المراحل.

معظم الأطفال يجربون الكذب في مرحلةٍ ما من نموهم. قد يبتكر الطفل الصغير قصةً خياليةً ليبرر ضرب أخيه بينما قد يكذب الأكبر سنًّا أنه أقد أنهى واجبه المنزلي.

في بعض الأحيان يبدأ الكذب بشكل مفاجئ وبحدة وفق ما ذكره ماثيو روس دكتوراه في علم النفس الإكلينيكي:

“كان الطفل صادقًا معظم الوقت، وفجأة أصبح يكذب في كثير من الأمور.”

هذا الأمر قد يثير قلق الوالدين لكن إذا فهمنا أسباب الكذب عند الأطفال واستعدينا للتعامل معه، سنتمكن من علاج المشكلة بشكل قوي وفعال. والآن لننتقل إلى الحديث عن أهم الأسباب التي تؤدي للكذب عند الأطفال:

لماذا يكذب الأطفال؟ أسباب الكذب عند الأطفال

يعتقد معظم الآباء أن الأطفال يكذبون للحصول على شيء يريدونه أو لتجنب عقوبة أو للهرب من شيء لا يرغبون في فعله.

هذه الأسباب شائعة لكن في بعض الأحيان تكون هناك دوافع أقل وضوحاً تجعل الأطفال لا يقولون الحقيقة  أو على الأقل لا يقولونها كاملة.

إليك بعض الأسباب التي تجعل الكذب سلوكًا طبيعيًا لدى الأطفال:

1. النمو المعرفي

تتطور قدرة الأطفال على فهم الحقائق تدريجياً فالصغار قد لا يدركون تماماً مفهوم الكذب أو عواقبه ومع تطور قدراتهم العقلية يبدأون في التمييز بين الصدق والكذب.

2. الخيال واللعب التخيلي

يميل الأطفال في سنواتهم الأولى إلى المزج بين الواقع والخيال أثناء اللعب مما قد يؤدي إلى اختلاق قصص بريئة تنبع من مخيلته الخصبة.

3. التجربة وحب الاستكشاف

يكذب الأطفال أحياناً لاختبار ردود أفعال الكبار واستكشاف حدود المسموح به في إطار تجاربهم لفهم مبدأ السبب والنتيجة.

4. التطور الاجتماعي

مع توسع دائرة علاقاتهم قد يلجأ بعض الأطفال للكذب كاستراتيجية للتكيف مع المواقف الاجتماعية أو تجنب العقاب.

5. آلية للتكيف والمواجهة

قد لا يجد الطفل دائمًا طريقة ليعبّر بها عن مشاعره أو ضغوطه فالكذب أحيانًا يصبح وسيلة للهروب من مواقف صعبة أو مشاعر غير مريحة.

6. تطور التعاطف

التعاطف مع مشاعر الآخرين يتطور تدريجيًا ففي المراحل المبكرة قد لا يدرك الطفل تمامًا تأثير كذبه على الآخرين.

7. النمو الأخلاقي

يحتاج تعلم قيم الصدق والأمانة وقتاً حيث يبدأ الأطفال بفهم أهمية الثقة في العلاقات تدريجيا مع تقدم العمر.

8. الرغبة في الاستقلالية

مع تقدم الطفل في العمر يزداد حبه للاستقلال فقد يصبح الكذب وسيلته ليُظهر أنه قادر على اتخاذ قرارات دون رقابة.

9. الضغوط والتأثيرات الخارجية

ضغط الأصدقاء أو تأثير المجتمع ووسائل الإعلام يُشكل فهم الطفل للصدق والكذب فقد يكذب ليُظهِر نفسه بطريقة مرغوبة اجتماعيًا.

10. فرصة تعليمية

تعتبر الأخطاء والتجربة جزءًا من نمو الطفل و كل موقف  يمكن أن يكون فرصة لتعلم قيم الصدق والوفاء بالوعد وتحمل نتائج الكذب.

ملحوظة هامة

بعض الأطفال خاصة الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب قد يكذبون لتخفيف التركيز عليهم.

على سبيل المثال قد يقولون شيئًا مثل “لا، لا  لقد نمت جيداً الليلة الماضية”رغم العكس لأنهم لا يريدون أن يقلق الآخرون بشأنهم.

ما الذي ينبغي على الوالدين تجنّبه؟

لا تُحاصر طفلك فجأة

إجبار الطفل على الاعتراف قد يدفعه للكذب فإذا كنت متيقناً من الحقيقة اقترب من المشكلة مباشرة وناقشها.

على سبيل المثال، بدل أن تسأله “هل انهيت واجبك المدرسي؟” يمكنك قول “أعلم أنك لم تقم به تعالَ نناقش لماذا هذا التصرف غير صحيح.”

لا تُلصق به صفة “الكذاب”

وصف الطفل بالكذّاب تُسبب جرحاً نفسياً أعمق من الكذبة نفسها وهذا يجعل الطفل يعتقد “أمي لا تصدقني” وقد يدخله هذا في دوامة من الكذب المتكرر.

الأفضل هو أن تناقش الفعل دون مهاجمة شخص الطفل ذاته ” الكذب ليس صحيحاً لكني أعلم أنك طفل صادق عادةً.”

بدلا من ذلك قدِّر الصدق “أشكرك لانك صارحتني بالحقيقة، هذا يحتاج شجاعة” والأهم، أن تكون قدوة صادقة لطفلك.

تعرف أكثر على: طرق علاج الكذب عند الأطفال

تذكر دائما
الطفل الذي يُوصف بالكذاب يصدق هذه الصفة، والطفل الذي يُشجّع على الصدق سيجد فخراً في أمانته.

الخاتمة

الهدف من وراء معرفة أسباب الكذب عند الأطفال، هو تعديل سلوك الطفل وتعليمه قيمة الصدق وليس مجرد المعاقبة على الكذب. لا تطلب من طفلك أن يكون صادق وأنت تقدم له نموذج عكس ذلك فالثقة تُبنى بالشفافية والصدق حتى في الأوقات المحرجة.