نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

التنمر عند الأطفال في المدارس

المدرسة، حيث البيئة التي يُفترض أن تكون من أكثر البيئات أمانًا واحتواءً للأطفال، يمكن أن تتحوّل إلى جحيم إذا تفشّى فيها مرض التنمر. لا يؤثر التنمر عند الأطفال في المدارس على مستواهم الدراسي فحسب، بل يمتد أثره ليطول الجانب البدني، النفسي، الاجتماعي، والعاطفي عند الأطفال. وكما تناولنا في مقالات سابقة معنى التنمر وأسبابه، وعلاج التنمر عند الأطفال، وأشكال وأعراض التنمر عند الأطفال، فإننا نفرد هذا المقال خصيصًا للتنمر المدرسي، أسبابه، آثاره، العلامات التي يجب علينا ملاحظتها لاكتشافه، ولنكتشف معًا طريقة التعامل معه، فإلى المقال.

ما هو التنمر المدرسي

تعريف التنمر المدرسي يُعتبر هو ذاته تعريف التنمر العادي، إلا أنه يحدث داخل المدرسة أو من زملاء الدراسة. التنمر عند الأطفال في المدارس هو أي سلوك عدواني يتم بشكلٍ متكرر ويرتكبه طفل تجاه طفل آخر داخل المدرسة، ويتنوع شكل التنمر المدرسي ما بين النفسي، الجسدي، أو اللفظي.

لا يقتصر التنمر المدرسي أيضًا على التعدّي بالضرب، بل يشمل السخرية، الإقصاء من المجموعات، السُباب والإهانات، التهديد، ونشر الشائعات والأكاذيب.

تتنوع أماكن التنمر المدرسي، فيمكن أن تحدث في الفصل، ساحة المدرسة، أو حتى في طريق الذهاب والعودة من المدرسة، ومن المهم أن نفهم أن التنمر المدرسي ليس مجرد “شقاوة”، بل هو سلوك مرفوض يتطلب تدخل الأهل والمدرسة حتى نعالج المتنمِّر والمتنمَّر عليه منه ومن آثاره.

أسباب التنمر عند الأطفال في المدارس

تحدثنا في مقالات سابقة عن أسباب التنمر عند الأطفال، لكن أسباب التنمر عند الأطفال في المدارس تختلف، تُرى، ما الذي يدفع طفل لإيذاء طفل آخر سواء بشكلٍ جسدي، أو لفظي، أو نفسي؟ الأسباب عديدة، نذكر منها التالي:

  • توجيه أسري معدوم: الأطفال الذين يربّون في بيئة أسرية قاسية قد يعكسون ما يتعرضون له في المنزل على زملائهم في المدرسة.
  • الرغبة في لفت الانتباه: بعض الأطفال قد يلجأون للتنمر في محاولة منهم للفت انتباه أقرانهم أو فرض سيطرتهم عليهم، وغالبًا ما يفعلون هذا لإخفاء مشاعر نقصٍ ما لديهم.
  • الغيرة: قد يشعر بعض الأطفال بالغيرة من زملائهم نتيجة لإحساسهم أنهم يرتدون ملابس أفضل أو أنهم يتلقون معاملة أسرية أفضل وخلافه.
  • البيئة المدرسية: عندما تكون البيئة المدرسية غير آمنة، تغيب فيها رقابة المعلم أو المشرِف، يتفشّى التنمر بين الأطفال.
  • تأثير الإعلام والألعاب العنيفة: قد يمارس بعض الأطفال التنمر على غيرهم في محاولة منهم لمحاكاة ما يرونه في التلفزيون أو الألعاب.

علاج التنمر عند الأطفال في المدارس يبدأ من فهم الأسباب، التي تعدّ الخطوة الأولى للوقاية والعلاج.

آثار التنمر على الأطفال في المدارس

قد تفكر بعض الأسر: ما المشكلة في التنمر؟! تلك مرحلة وستمر وسينسى الطفل ما حدث له ولا داعي لافتعال مشكلة.

لكن للتنمر آثار كبيرة على نفسية الطفل، وقد تمتد تلك الآثار لتشمل سلوكه، وتحصيله الدراسي، وجسده أيضًا، ومن أبرز هذه الآثار:

  • قلة الثقة بالنفس: عندما يقع الطفل ضحية للتنمر، يشعر أنه أقل من أقرانه، وقتها يبدأ في الانسحاب الاجتماعي ويمتنع عن المشاركة في أي فعاليات.
  • الانطوائية: يعرّض التنمر الطفل للعزلة والانطوائية، فيفضّل البقاء بمفرده ويمتنع عن الذهاب للمدرسة.
  • تراجع الآداء الدراسي: الطفل الذي يتعرّض للتنمر باستمرار يصاب بقلق مزمن، فكل لحظة بالنسبة له تعتبر بمثابة تهديد، وبالتالي يقلّ تركيزه وينخفض تحصيله الدراسي.
  • اضطرابات جسدية: قد يتعرّض الطفل لاضطرابات الأكل واضطرابات النوم، والصداع وآلام المعدة نتيجة الضغوطات النفسية التي يجلبها له التنمر.
  • سلوكيات عدوانية: أحيانًا ما يتحول الطفل الذي تعرّض للتنمر إلى متنمر جديد كرد فعل أو وسيلة دفاعية.

هذا ما يجلبه التنمر عند الأطفال في المدارس على أطفالنا، لهذا لا غنى عن التعامل الجاد معه.

دور المدرسة في منع وعلاج التنمر

إن أفضل وسيلة لعلاج التنمر عند الأطفال في المدارس هي التدخل المبكر، وهذا حتى لا يسري سمّ التنمر في عروق الأطفال، وإذا ذُكِر التدخل المبكر، ذُكِرَت المدرسة، فهي البيئة التي يحدث فيها التنمر ومسؤوليها هم الأولى بملاحظة أولى علاماته، لهذا يجب على المدرسة التالي:

  • وضع سياسات واضحة: يجب أن تكون هناك لائحة بأشكال التنمر والعقوبات التي يمكن أن تقع على ممارسيه.
  • التوعية والتثقيف: من خلال عمل حملات توعية للآباء وأطفالهم والمدرسين عن معنى التنمر وأسبابه وطرق التعامل معه وعلاجه.
  • تدريب المعلمين: يجب أن يتم تدريب المعلمين على اكتشاف التنمر وكيفية التعامل معه بطريقة صحيحة.
  • التدخل العلاجي: من خلال تقديم الدعم النفسي للطفل المتنمّر والطفل المتنمَّر عليه.

إن التعاون بين المدرسة والأهل هو الطريقة الأفضل لعلاج ظاهرة التنمر وخلق بيئة صحية يزدهر فيها أطفالنا.

كيف يتعامل الطفل مع المتنمرين في المدرسة

إذا كان على الآباء دور، وعلى المدرسة دور، فيجب أن يكون على الطفل دور أيضًا في حماية نفسه من المتنمرين عند اللزوم، وهنا يأتي دورنا كأهل يدب أن يلقِّنوا أطفالهم الاسترتيجيات التالية:

·       التجاهل: إذا حاول متنمر استفزاز طفلك، علّمه أن هذا المتنمر يبحث عن رد فعل خائف أو غاضب، وإذا لم يحصل على ما يريد، فربما يفقد الاهتمام ويرحل.

·       الرد الحازم دون عنف: يمكن للطفل الذي يتعرّض للتنمر أن يطلب من التنمِّر أن يكفّ أذاه عنه، دون أي انفعالات في نبرة الصوت.

·       طلب المساعدة: إبلاغ المعلم أو ولي الأمر خطوة ذكية يجب أن يتبعها الطفل إذا كان التنمر مستمرًا.

·       الأصدقاء: علّم طفلك أن يحيط نفسه بأصدقائه وأن الأصدقاء المقربين هم أفضل وسيلة للدفاع.

كل هذه الطرق قد تكفل لطفلك جوًّا داعمًا وتزرع في نفسه الثقة.

علاج التنمر عند الأطفال في المدارس

لا يتم علاج التنمر عند الأطفال في المدارس إلا بتعاون الأسرة والمدرسة والمجتمع، فالطفل المتنمَّر عليه يحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي حتى يستطيع استعادة ثقته بنفسه، ومن أهم خطوات العلاج:

  • الاصغاء والدعم: اصغي لطفلك جيدًا دون أن تحكم عليه، وتأكد أنه يشعر بالأمان خلال حديثكما عما يمر به.
  • التواصل مع إدارة المدرسة: يجب إبلاغ إدارسة المدرسة بما يحدث والتعاون معهم على وضع خطة واضحة لحماية الطفل وإيقاف السلوك المؤذي.
  • التأهيل النفسي: تستلزم بعض الحالات تأهيلًا نفسيًا من خلال جلسات علاجية مع أخصائي نفسي تقوي شخصيته وتساعده على تخطي آثار التنمر.
  • تعزيز ثقة الطفل بنفسه: عن طريق إشراكه في ما يحب من أنشطة وتشجيعه على تكوين الصداقات.
  • التثقيف والتوعية: تثقيف وتوعية الطفل بحقوقه، حيث يجب أن نعلمه أن له الحق في أن يُعامل باحترام وأن له الحق في الدفاع عن نفسه بطرق غير عنيفة.

كل هذه الخطوات تكفل للطفل علاج التنمر وتخطي آثاره وبناء شخصية قوية قادرة على تخطي المشكلات الدراسية كافة.

خاتمة

نستكمل بهذا المقال سلسلة مقالاتنا عن التنمر، فكما بدأناها بـ التنمر وأسبابه، ومررنا بـ علاج التنمر عند الأطفال، وعرفنا معًا أعراض وأشكال التنمر عند الأطفال، نكتشف هنا التنمر عند الأطفال في المدارس.

خلال جولتنا في هذا المقال قرأنا عن معنى التنمر المدرسي، والأسباب التي قد تجعل بعض الأطفال يمارسونه، والآثار التي تترتَّب عليه، ودور المدرسة الكبير في التصدي لهذه الظاهرة، كما طرحنا استراتيجيات هامة يمكن تلقينها للطفل للتعامل مع المتنمرين، وأخيرًا، ختمنا مقالنا بطرق علاج التنمر.

شكرًا لمتابعتكم وإلى لقاء.

مصطفى اليماني، خريج نظم معلومات إدارية دفعة ٢٠١٣، يعمل في كتابة المحتوى منذ عام ٢٠١٩، وتخصص في عام ٢٠٢٣ في المحتوى التعليمي والتربوي والمحتوى المتعلق بصحة الأسرة والطفل. كما يعمل في مجالي الصحافة والترجمة الأدبية.