نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

اختيار المنهج التربوي المناسب في مرحلة رياض الأطفال يعد من القرارات المحورية التي تشكل مستقبل الطفل التعليمي والنفسي. ومن بين المناهج العالمية المعتمدة في العديد من المؤسسات التعليمية، يبرز منهج ريجيو إيمليا (Reggio Emilia) كأحد أكثر النماذج تميزًا من حيث فلسفته التعليمية التي تضع الطفل في قلب العملية التعليمية، وتمنحه المساحة الكاملة للتعبير والاكتشاف والنمو ووفقًا لإيقاعه الخاص، والآخيرة هذه من أهم مميزات منهج ريجيو إميليا، كما سنتعرف في خلال هذا المقال.
ففي هذا المقال من مدونة إديو ماركت التعليمية، نقدم شرحا متكاملا لهذا المنهج التربوي الفريد، والذي يهدف إلى تزويد الآباء والأمهات بكل ما يحتاجون إلى معرفته لفهم فلسفة ريجيو إيمليا، ومساعدتهم على اختيار الحضانة أو المؤسسة التعليمية التي تتبعه بثقة ووعي.
نشأة منهج ريجيو إيمليا
نشأ منهج ريجيو إيمليا في مدينة ريجيو إيمليا شمال إيطاليا، على يد المربي الإيطالي لوريس مالاجوزي في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
ويُعد المنهج فلسفة تعليمية كاملة وليس مجرد خطة دراسية، حيث يقوم على احترام الطفل باعتباره إنسانًا مفكرًا قادرًا على التعلم والتعبير عن ذاته بطرق متعددة. فيرتكز المنهج على التعلم من خلال الاستكشاف والمشروعات الجماعية والتعلّم التشاركي، ويمنح أهمية كبرى للبيئة المحيطة بالطفل كعنصر فعّال في تنمية قدراته ومهاراته.
المبادئ الأساسية لمنهج ريجيو إيمليا
1- مائة لغة للتعبير لدى الطفل:
هذا المبدأ يصف الإمكانات الاستثنائية لدى جميع الأطفال وأنهم لديهم مائة للغة للتعبير والتواصل، مثل الكلام والرسم والموسيقى، وغير ذلك، ففي السنوات المبكرة، يستخدم الطفل طرقًا متنوعة للتواصل – اللفظي منها وغير الفظي – للتحدث مع من حوله، واستيعاب المعلومات، والتفاعل مع الآخرين.
جميع هذه الطرق التعبيرية متساوية في القيمة، وهي ما يطلق عليها “المائة لغة” التي يتحدث بها الطفل.
2- الأطفال هم المحور الأساسي للعملية التعليمية:
في فلسفة ريجيو إميليا يمتلك كل طفل إمكانات تعليمية هائلة، ومن خلال التفاعل والتواصل المستمر مع الوالدين والعائلة والأقران والمعلمين والبيئة المحيطة، يتبع الطفل منحنى تعلم حاد يجعله يتكيف ويتغير وفقًا لما يواجهه.
3- البيئة في ريجيو إيمليا هي معلم ثالث للطفل:
يتم تصميم المساحات الداخلية والخارجية في الحضانات والمدارس التي تنتهج فلسفة ريجيو إيمليا بتصميمات تساهم في تشجيع الطفل على الاستكشاف والتجربة. فهي مصممة لتكون عملية وفي نفس الوقت جميلة، مما يحفز فضول الأطفال وإبداعهم.
4- دور المعلّم مرشد لا ملقّن:
المعلّم في حضانات أو مدارس ريجيو إيمليا لا يلقن المعلومات، بل يُصغي ويُلاحظ ويُوجه ويُرافق الطفل في رحلته التعليمية. بالإضافة بالطبع إلى مشاركته في توثيق مراحل التعلم وتقديمها للطفل وولي الأمر.
5- المشاركة والإصغاء المتبادل:
الرحلة التعليمية هي عملية شاملة تضم جميع الأطراف: الأطفال، والمربين، والعائلة والمجتمع. من خلال الإصغاء المتبادل والفعال بين الأطفال والبالغين والبيئة، تنشأ علاقة تعليمية تعاونية وديمقراطية، تحفز الحوار والتعلم الديناميكي وتنمي المهارات الاجتماعية، وتعزز التطور المستمر للجميع.
مميزات منهج ريجيو إيمليا
- تعزيز الاستقلالية والثقة بالنفس لدى الطفل
- تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات
- احترام الفروق الفردية وتشجيع التعبير الحر
- بيئة تعليمية محفزة وآمنة نفسيًا
- مشاركة فعّالة من الطفل، المعلّم، والأسرة
- غياب الضغط التقييمي والاختبارات التقليدية
كيف تتأكد من أن منهج ريجيو إيمليا يناسب طفلك
بشكل عام فإن منهج ريجيو ايمليا يعد من مناهج رياض الأطفال المناسبة لغالبية الأطفال، ولكن يمكن أن تتأكد أكثر أنه مناسب لطفلك إذا كان طفلك من ضمن الأطفال الذين:
- يملكون فضولًا طبيعيًا لاكتشاف العالم من حولهم
- يعبّرون عن أنفسهم بطرق إبداعية
- يفضّلون التعلّم العملي والتجريبي
- يستجيبون للتوجيه دون فرض مباشر أو أوامر
كما أنه بالطبع يناسب العائلات التي تؤمن أن التعلم لا يقتصر على الحفظ والمقررات، بل هو تجربة حياة شاملة تُنمي الطفل من جميع الجوانب.
كيف تختار حضانة تتبع منهج ريجيو إيمليا؟
عند زيارة أي حضانة أو مؤسسة تعليمية تُعلن تبنّيها لمنهج ريجيو إيمليا، تأكّد من النقاط التالية:
- هل تعتمد الحضانة على مشروعات تعليمية مرتبطة باهتمامات الأطفال؟
- هل البيئة الصفية مفتوحة وآمنة ومحفّزة على اللعب والاكتشاف؟
- هل يتم تشجيع الطفل على التعبير بطرق متنوعة؟
- هل يُشارك المعلمون الأطفال في الحوار والنقاش بدلًا من الشرح المباشر؟
- هل يوجد توثيق واضح ومستمّر لما يتعلّمه الطفل؟
- هل يشعر الطفل بالاحترام والقبول دون ضغط أو تقييم؟
في الختام: إن منهج ريجيو إيمليا ليس مجرد أسلوب تعليمي، بل هو فلسفة تُعيد تعريف العلاقة بين الطفل، المعلم، والبيئة. إنه منهج يحرّر الطفل من القوالب التقليدية التي تفرضها على الظروف المحيطة، ويمنحه المساحة ليكون كما هو: فضولي، خلاق، ومتفاعل مع محيطه.
إذا كنت تبحث عن بيئة تعليمية تحترم شخصية طفلك وتدعم تطوّره بشكل متكامل، فإن اختيار حضانة تعتمد ريجيو إيمليا سيكون خطوة موفقة في الاتجاه الصحيح.
عمرو الخولي كاتب محتوى محترف بخبرة أكثر من 8 سنوات في كتابة المحتوى والمقالات التعليمية، وإعداد الأدلة الإرشادية، وتصميم المحتوى المتخصص للمواقع التعليمية.
مهتم بتقديم محتوى مبسط، موثوق، ومُحسّن لمحركات البحث (SEO) أساعد الطلاب، المعلمين، وأولياء الأمور على الوصول للمعلومة بسهولة.
على مدار سنوات عملي تعاونت مع العديد من المنصات التعليمية لتطوير محتوى عالي الجودة يغطي موضوعات مثل: التعلم الإلكتروني، الكورسات الأونلاين، أدوات التدريس الحديثة، ونصائح تحسين الأداء الدراسي.