نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

في عالم التعليم وخصوصا في الحضانات لا يعد الدور الإداري مجرد مسؤولية تختص بمتابعة الأداء فحسب بل هو انعكاس مباشر لنوع الشخصية التي تدير المؤسسة.
هل هي شخصية المدير التقليدي أم القائد الملهم؟
هناك فارق جوهري في الأثر في بيئة تعتبر من أكثر بيئات العمل حساسية وتأثيرا على الأطفال وأولياء الأمور والعاملين على حد سواء.
ففي الحضانة لا تقاس النتائج بأرقام وانضباط جداول بل بمدى السعادة التي يشعر بها الطفل ومدى الأمان الذي يحسه الفريق، ومدى التفاعل الايجابي الذي يجمع أولياء الأمور بالمؤسسة، ولذلك لابد من التمييز بين المدير التقليدي ومن يمارس القيادة الحقيقية.
الفرق بين المدير التقليدي والقائد الملهم في رياض الأطفال
الفرق الأول بينهم: أن المدير يهتم بالالتزام باللوائح والتعليمات ويركز على النتائج والأرقام، أما القائد فينظر إلى الصورة الأشمل، وهي كيف يشعر فريقه؟ وهل بيئة العمل داعمة أم لا؟
حيث أن العاطفة في بيئة الحضانة جزء لا يتجزأ من العملية التربوية، والتركيز عليها أولوية لا يمكن تجاهلها، فالقئد يدرك أن الطمأنينة والسعادة التي يشعر بها الطفل، تنبع أولا من طمأنينة المعلمة والمربية.
الفرق الثاني هو طريقة التواصل: المدير يعطي أوامر، يوجه، ويحاسب، أما القائد فيكون حاضرا مشاركا، أفعاله تسبق كلماته.
فالقائد تجده في ساحة اللعب يواسي طفلا بكى فجأة أو يتفاعل ويشارك فريقه في فعالية. فوجود القائد في الميدان وسط فريقه يزرع الثقة ويخلق نوع من القرب الحقيقي مع فريقه الذي لا يشترى بالمناصب، مما يؤكد هنا أن القيادة ليست منصبا ولا تمارس من المكاتب، بل من قلب الحدث.
الفرق الثالث وهو أسلوب التعامل مع الخطأ: ففي الإدارة التقليدية يعد الخطأ نقطة ضعف ينتج عنها التحقيق والعقوبة، أما القيادة الحقيقية تعتبر الخطأ فرصة للنجاح، وفتح مجال للتعلم أكثر.
فالقائد لا يبحث عن الخطأ، ولا يعتبره نهاية المطاف بل يسأل ويبحث ما الذي جعل الخطأ يحدث وكيف نمنع تكراره، هذا المنهج يبني بيئة خالية من التوتر، ويحفز الفريق على المبادرة والابداع دون خوف دائم من الوقوع في الخطأ. والبيئة الناجحة ليست التي تسير دون خطأ بل تلك التي يشعر فيها الجميع بالأمان والانتماء.
الفرق الرابع هو الفرق في بيئة العمل: المدير غالبا ما يسعى إلى النتائج وقياس الأداء بالاأرقام بشكل دوري ومكثف وضاغط، بينما القائد يدرك أن الانجاز الحقيقي لا يأتي من الضغط، بل من بيئة العمل الصحية.
الحضانة الناجحة هي عندما ترى أطفال سعداء، وبالطبع وراء هذه السعادة فريق يشعر بالانتماء والتقدير، وان صوتهم مسموع، وهذا لا يبنى إلا بوجود قيادة حقيقية.
الفرق الخامس هو في العلاقة مع أولياء الأمور: حيث أن المدير يتعامل مع ولي الأمر بشكل أساسي كمراجع ومصدر للضغط، أما القائد فينظر لولي الأمر كشريكا في التربية، يستمع إليه ويشاركه الرؤية والرأي، ويشعره، ويؤكد له أن المؤسسة تعمل لصالح طفله بصدق وبإخلاص.
القائد يدرك أن بناء علاقات قوية مع ولي الأمر يسهل التعامل في المواقف الصعبة ويعزز من صورة المؤسسة في المجتمع.
الخاتمة:
ان الفرق بين المدير والقائد ليس في سنوات الخبرة أو حجم الصلاحيات والسلطة، بل في مدى التأثير وعمقه. في بيئة الحضانة نحن في اشد الحاجة إلى قادة حقيقين يدركون أن التعليم ليس تلقينا فقط، وان كل لحظة داخل الحضانة هي فرصة لصناعة انسان أفضل لمستقبل أفضل