نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

فوائد القراءة للأطفال في مرحلة التعليم المبكر

في عالمنا سريع التغير، تزداد أهمية تعلم المهارات المعرفية والاجتماعية للأطفال منذ سن مبكرة، وعلى رأس هذه المهارات تتربع القراءة كواحدة من أهم الأدوات التربوية التي يمكن للأهل استخدامها في تربية أطفالهم تربية سليمة، وبناء جيل متعلم ومبدع، والتي تعد أقوى فوائد القراءة للأطفال.

فالقراءة ليست نشاط ترفيهي، بل هي حجر الأساس في تشكيل وبلورة شخصية الطفل وتوسيع مداركه وقدراته العقلية واللغوية والعاطفية، وأيضا الاجتماعية.

التعليم المبكر هو المرحلة الذهبية التي يمكن من خلالها غرس حب المعرفة، وغرس عادة القراءة بوصفها عادة ممتعة وليست مجرد واجبا منزليا.

ووفقا للعديد من الدراسات فإن الأطفال الذين يعتادون على القراءة في سن مبكرة يكون لديهم استعداد أكبر للتعلم، ومفردات لغوية أوسع، ومهارات اجتماعية أفضل، مقارنةً بأقرانهم الذين لا يُقرأ لهم بانتظام.

في هذا المقال، سنأخذك في رحلة شاملة نوضح من خلالها:

  • لماذا تعتبر القراءة المبكرة مهمة للغاية؟
  • كيف تؤثر على نمو الطفل العقلي واللغوي والعاطفي؟
  • ما العلاقة بين القراءة والنجاح الدراسي والاجتماعي؟
  • كيف تحول القراءة إلى عادة يومية في حياة طفلك بطريقة ممتعة وسلسة؟
  • ونصائح عملية للأمهات والآباء لغرس حب الكتب منذ الشهور الأولى.

أولًا: ما المقصود بالتعليم المبكر؟

قبل أن نتحدث عن أهمية وفوائد القراءة للأطفال، لا بد أن نوضح المقصود مصطلح التعليم المبكر. التعليم المبكر يشير إلى الفترة ما قبل دخول الطفل المدرسة، أي ما بين الولادة وحتى سن 6 سنوات تقريبًا.

القراءة في هذه المرحلة ليست مقتصرة على تعلُّم الحروف، بل القراءة في مرحلة التعليم المبكر تشير إلى كل أنواع القراءة أو التفاعل مع الكتب، وتشمل القراءة التي يقوم بها أحد الوالدين للطفل، والقراءة المشتركة، والتصفح الذاتي للكتب المصورة، وكل أنواع التعرض للكلمات المطبوعة.

خلال هذه المرحلة، يكون دماغ الطفل في ذروة نموه وتكوينه، وتُعد القراءة واحدة من أكثر الوسائل تأثيرًا في تحفيز هذا النمو.

متى يجب أن نبدأ القراءة للأطفال؟

القراءة يمكن أن تبدأ منذ لحظة الولادة!

نعم

قد يبدو غريبًا في البداية، ولكن العديد من الدراسات تؤكد أن الأطفال الرضع يتأثرون إيجابيًا بصوت الأم أو الأب أثناء القراءة. فعند قراءة قصة قصيرة أو حتى قصيدة بصوت هادئ، يبدأ دماغ الطفل في استقبال الأصوات، وتنمو لديه المهارات السمعية واللغوية.

فكلما بدأنا في وقت مبكر، كلما زادت فرص الطفل في تكوين علاقة إيجابية مع الكتب، وشعر بأن القراءة نشاط طبيعي ومحبب.

فوائد القراءة للأطفال

يوجد العديد من فوائد القراءة للأطفال، من اهمها ما يلي:

تحفيز النمو العقلي

أحد اهم فوائد القراءة للأطفال أنه تحفز على نموهم العقلي، حيث تشير الأبحاث إلى أن القراءة المبكرة تحفّز نمو الدماغ بطرق لا تفعلها أي أنشطة أخرى في العادة.

فعندما يستمع الطفل إلى قصة، يُطلب من دماغه أن يترجم الكلمات إلى صور، وأن يتابع تسلسل الأحداث، ويتفاعل مع المشاعر والسياقات. كل هذا يُنشّط مناطق متعددة في الدماغ، وخاصة تلك المسؤولة عن اللغة، التركيز، والتخيل.

بل وأكثر من ذلك، وُجد أن الأطفال الذين يُقرأ لهم منذ الصغر يمتلكون عددًا أكبر من الروابط العصبية في الدماغ، مما يجعلهم أكثر قدرة على الفهم، والتذكر، وحل المشكلات لاحقًا.

تنمية المهارات اللغوية

الطفل لا يُولد بلغته بل يكتسبها، والقراءة هي أسرع وأفضل طريق لبناء هذا الحصيلة اللغوية التي تؤهل الطفل للتواصل الفعال . فمن خلال الكتب، يتعرض الطفل لمفردات جديدة، تراكيب نحوية متنوعة، وأنماط تعبير لا يسمعها عادة في الحديث اليومي.

وبحسب الدراسات، فإن الأطفال الذين يُقرأ لهم بانتظام في العام الأول من عمرهم، تظهر لديهم مهارات لغوية أعلى في سن الثانية والثالثة، ويكونون أكثر قدرة على التعبير، الفهم، والتواصل.

فحتى إن كان طفلك رضيعًا لا يفهم الكلمات، فإن سماعه لصوتك أثناء القراءة يعزز من تطوره السمعي، وبالطبع يكوّن رابطًا عاطفيًا قويًا بينكما.

تعزيز النمو العاطفي والاجتماعي

القصص تتيح للطفل أن يفهم مشاعر الآخرين ويتعاطف معهم. من خلال الشخصيات المختلفة، يتعلم الطفل قيمًا مثل الصداقة، التعاون، الصبر، والتسامح.

من خلال القصص، يتعلم الطفل الصواب من الخطأ، معنى الصداقة، أهمية التعاون، الفرق بين الأنانية والمشاركة وغير ذلك. بل يتعلّم كيف يتعامل مع مشاعره المختلفة مثل الغضب والخوف والحزن والفرح، بطريقة صحية.

وبكل تأكيد فإن القراءة بصوت عالٍ، وفتح باب النقاش بعد القصة، يُعزّز من قدرة الطفل على الحديث عن مشاعره، وفهم مشاعر الآخرين، وهي مهارة تُعرف باسم “الذكاء العاطفي”.

تعرف أكثر على: كيفية تعزيز المهارات الاجتماعية لطفلك

تقوية العلاقة بين الطفل ووالديه

الوقت الذي تخصصه القراءة ليس وقت تعلم فقط، بل هو وقت تقارب عاطفي مع الطفل، فحين تقرأ لطفلك، فأنت تحتضنه، تنظر في عينيه، وتشاركه الضحك والدهشة والحماس والاكتشاف، هذه اللحظات الحميمة كما أنها لا تقدر بثمن إلا أنها ايضا تقوي العلاقة بينكما، وتمنح طفلك شعورًا بالحب والأمان.

جعل القراءة جزءًا من الروتين اليومي لطفلك – خاصة قبل النوم – يُعزّز استقراره النفسي ، ويمنحه نهاية دافئة ومريحة ليومه.

الاستعداد المدرسي

أظهرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن الطفل الذي يتقن مهارات اللغة والقراءة في الصفوف الأولى، تكون فرص نجاحه الأكاديمي في المستقبل أعلى بكثير.

الأطفال الذين يحبون الكتب منذ الصغر، يدخلون المدرسة بثقة، ويكون لديهم قدرة على فهم التعليمات، التعبير عن أفكارهم، والمشاركة في الأنشطة الدراسية، مما يسهّل عليهم التكيف والتقدم.

تحفيز الخيال والإبداع

القراءة تفتح أمام الطفل عوالم لا حدود لها. فمن خلال القصص، يسافر الطفل إلى عوالم جديدة لم يرها من قبل. يتعرف على الحيوانات، النجوم، الغابات، المدن، وحتى مشاعر الآخرين وتجاربهم. فالقراءة لا توسّع المعرفة فحسب، بل تنمّي الخيال الذي هو أساس الإبداع والابتكار.

عندما يندمج الطفل في قصة، فهو يتعلّم أن يتخيل، أن يتعاطف، أن يسأل “ماذا لو؟”… وهذه كلها مهارات ضرورية لبناء شخصية مستقلة وواعية.

زيادة التركيز والانتباه

مع الوقت، يصبح الطفل أكثر قدرة على الجلوس لفترات أطول، والتركيز على تسلسل الأحداث، وربطها ببعضها البعض.

بناء عادة التعلم المستمر مدى الحياة

القراءة اليومية تصنع من الطفل قارئًا نهمًا، يحب التعلم، ويبحث عن المعلومة من تلقاء نفسه.

كيف نحول القراءة إلى عادة يومية للطفل؟

لكي تصبح القراءة عادة يومية لا تفارق يوم طفلك، عليك اتباع بعض الخطوات البسيطة والفعالة:

  • ابدأ مبكرًا: لا تنتظر حتى يتعلم الحروف، ابدأ من أول أشهر عمره.
  • خصص وقتًا ثابتًا يوميًا: حتى 10 دقائق كافية لبناء هذه العادة.
  • اختَر كتبًا ممتعة وجذابة: بحسب عمر الطفل واهتماماته.
  • اقرأ بصوت معبّر: غيّر نبرتك وقلّد الشخصيات لتجعل القصة مشوقة.
  • تحدث عن القصة بعد انتهائها: اسأل طفلك عن رأيه، مشاعره، وتوقعاته.
  • كن قدوة: دعه يراك تقرأ أيضًا، فالطفل يتعلّم من القدوة أكثر مما يتعلّم من التعليم المباشر.

دور القراءة في تطور المهارات الحياتية للطفل

القراءة لا تُعلّم الطفل اللغة فقط، بل تبني لديه مهارات حياتية مثل:

  1. التركيز والانتباه: متابعته للأحداث يساعده على تحسين تركيزه.
  2. الصبر والانضباط: انتظار نهاية القصة وتوقّع الأحداث يدربه على الصبر.
  3. التحليل والتفكير النقدي: لماذا فعل البطل ذلك؟ هل كان قراره صحيحًا؟ هذه الأسئلة تساعده على التحليل والتفكير المنطقي.

ومن خلال ملاحظة تفاعل الطفل مع القصص، يمكنك اكتشاف ميوله وقدراته. هل ينجذب للقصص العلمية؟ أم الخيالية؟ هل يحب طرح الأسئلة؟ هل لديه خيال خصب؟ هذه المؤشرات تساعدك على توجيه مساره بطريقة تناسب شخصيته وتطور مهاراته الحياتية.

دور الأهل في دعم النمو اللغوي من خلال القراءة

القراءة ليست مجرد كلمات، بل هي وسيلة لفتح حوارات بين الطفل وأهله. أثناء القراءة، اطرح عليه أسئلة، اشرح له الكلمات الصعبة، واطلب منه توقع الأحداث.

كما أن القراءة التفاعلية تساعد في تطوير مهارات التواصل، والنطق السليم، وبناء جمل أكثر تعقيدًا.

كيف ننافس الإغراءات الرقمية؟

قد يبدو الأمر صعبًا في عصر تملأ فيه الشاشات كل دقيقة من يوم الطفل، لكن الحل ليس في المنع، بل في التوازن. اجعل القراءة نشاطًا مشتركًا، ممتعًا، مليئًا بالتفاعل، واجعله منافسًا حقيقيًا للرسوم المتحركة والألعاب.

يمكن أيضًا دمج الوسائل الرقمية من خلال استخدام كتب إلكترونية تفاعلية أو تطبيقات قرائية هادفة، ولكن باعتدال، وتحت إشرافك.

كيف تختار الكتاب المناسب لعمر الطفل؟

اختيار الكتاب المناسب أمر جوهري. إليك بعض المعايير بحسب الفئة العمرية:

  • من سنة إلى 3 سنوات: كتب قماش أو كرتونية، بألوان زاهية، صور كبيرة، وكلمات قليلة.
  • من 3 إلى 5 سنوات: قصص قصيرة تحتوي على حوار، مغزى أخلاقي، ورسوم جذابة.
  • من 6 سنوات فما فوق: قصص أكثر تعقيدًا، مغامرات، ألغاز، وسلاسل قرائية.

احرص أيضًا على إشراك طفلك في اختيار الكتاب، فهذا يعزّز ارتباطه بالقراءة ويجعله أكثر حماسًا لها.

الخاتمة: كل صفحة تقرأها لطفلك هي بذرة تنمو في عقله وقلبه

في عالم يتغير بسرعة، تبقى القراءة واحدة من أقوى الأدوات التي يمكن أن نقدمها لأطفالنا. إنها لا تعلّمهم فقط، بل تفتح لهم أبواب العالم، وتمنحهم أدوات النجاح، وتبني بداخلهم حب الحياة والمعرفة.

ابدأ اليوم، بكتاب صغير، وصوت دافئ، و10 دقائق من وقتك، وراقب كيف تتفتح زهرة المعرفة في قلب طفلك، وكيف ينمو ليصبح إنسانًا مفكرًا، واثقًا، ومحبًا للتعلم.

الأسئلة الشائعة حول فوائد القراءة للأطفال

هل من المفيد القراءة لطفلي حتى لو لم يفهم الكلمات؟

نعم. صوتك وتعبيراتك تؤثر فيه، وتبني لديه إدراكًا صوتيًا ولغويًا.

ما أفضل أنواع الكتب للطفل قبل عمر 3 سنوات؟

الكتب المصورة، ذات الكلمات البسيطة، أو الكتب التي تصدر أصواتًا. من عمر 3 إلى 6 سنوات، يمكنك البدء بالقصص ذات المغزى.

هل القراءة تساعد الطفل على التفوق الدراسي؟

بلا شك. من اهم فوائد القراءة للأطفال أنها تمنح الطفل القارئ يمتلك مفردات أكثر، قدرة أفضل على التركيز، وتفوقًا واضحًا في التعبير والفهم.

عمرو الخولي - كاتب محتوى متخصص في مجال التعليم
كاتب at 

عمرو الخولي كاتب محتوى محترف بخبرة أكثر من 8 سنوات في كتابة المحتوى والمقالات التعليمية، وإعداد الأدلة الإرشادية، وتصميم المحتوى المتخصص للمواقع التعليمية.

مهتم بتقديم محتوى مبسط، موثوق، ومُحسّن لمحركات البحث (SEO) أساعد الطلاب، المعلمين، وأولياء الأمور على الوصول للمعلومة بسهولة.

على مدار سنوات عملي تعاونت مع العديد من المنصات التعليمية لتطوير محتوى عالي الجودة يغطي موضوعات مثل: التعلم الإلكتروني، الكورسات الأونلاين، أدوات التدريس الحديثة، ونصائح تحسين الأداء الدراسي.