نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

طرق علاج الكذب عند الاطفال​: وما هي العلاقة بين الكذب والذكاء

لماذا يكذب أطفالنا؟ سؤال يؤرق الكثير من الآباء، ففي سن صغيرة قد يلجأ الأطفال للكذب في كثير من المواقف، سواء خوفًا من العقاب، أو للتهرب من أمرٍ ما، أو حتى للحصول على أشياء إضافية، ولمّا كان الكذب عادة غير سوية وتؤثر على حياة الطفل ومن حوله، يبحث أغلب الآباء عن علاج الكذب عند الأطفال بكثرة، إلا أن أغلب المصادر تتناول تلك المشكلة بشكلٍ سطحيّ دون تقديم حلول عملية.

وكما عودناكم في موقعنا، فإننا هنا لنقدم لكم حلول عملية لمشكلة الكذب. سويًا سنتطرَّق لتعريف الكذب، أنواعه، أضراره، وكيف يمكن لنا علاج الكذب عند الاطفال. وإلى المقال.

ما هو الكذب عند الأطفال

وقبل أن نبدأ في الحديث عن علاج الكذب عند الاطفال، لا بدّ أن نفهم في البداية ما هو الكذب؟ الكذب عند الاطفال (أو حتى الكبار) هو إخبار شخص آخر أمرًا منافيًا للحقيقة، كأن تخبر صديقك -على سبيل المثال- أنك لم تكن متواجدًا في المنزل بالأمس رغم أنك كنت متواجدًا فيه، وكما أسلفنا، فالناس يلجأون للكذب (غالبًا) للتهرُّب من العواقب، لكن الكذب عند الاطفال تحديدًأ له شكلان:

الشكل الأول هو الكذب نتيجة لخيال الطفل الواسع، كأن تفاجأ بطفلك وهو يخبرك أنه “طار مع العصافير وتنقَّل من شجرة إلى أخرى بجناحيه”، وهنا يأتي دور الآباء في تعليم الطفل الفرق بين الحقيقة والخيال ويا حبّذا لو وجَّهنا خيال الطفل ليصبح محمودًا، مثل أن نشركه في حصص للرسم أو القراءة للتعبير عن خياله بصورة إيجابية.

الشكل الثاني هو الكذب للتهرُّب من بعض الأمور، مثل ادعاء المرض لعدم الذهاب إلى المدرسة أو ما شابه ذلك. أو حتى ادعاء أنه لم يرتكب خطأ معينًا ليتجنَّب العقاب وهكذا.

وفي كل الأحوال، يحتاج علاج الكذب عند الاطفال منّا الملاحظة والاهتمام.

أسباب الكذب عند الاطفال

الكذب عند الاطفال له أسباب عديدة، ويخضع كل سبب لعوامل نفسية وبيئية وسلوكية مختلفة، ويجب أن نفهم قبل أن نتطرّق لأسباب الكذب عند الاطفال، أنه لا يجب اعتباره دائمًا علامة على سوء الخُلُق أو انحراف السلوك. ففي الأغلب يكذب الطفل بدافع الخوف من العقاب، خاصة إذا كان يعيش في بيئة أسرية تعتمد التهديد أو العقاب القاسي أسلوبًا رادعًا عند الخطأ.

في أحيانٍ أخرى، يكذب الأطفال لجذب انتباه آبائهم أو معلِّميهم، وخاصة إذا شعر الطفل بالإهمال والتفرقة بينه وبين أشقاءه أو زملائه في الفصل.

يمكن أن يلجأ الطفل للكذب أيضًا على سبيل التفاخر، فنسمع الطفل يقول أنه يعيش في فيللا وأن والده يملك سيّارة فارهة، رغم عدم صحة هذه المعلومات. وقد يتفاخر الطفل كذبًا لشعوره بالغيره من أصدقاءه أو شخصيات يرى فيها قدوةٍ ما، أو ربما ليرسم صورة مثالية عن نفسه أمام زملائه.

وهناك أيضًا السبب الذي ذكرناه سابقًا، حيث يكون الطفل في مرحلة عمرية لا يستطيع فيها التفريق بين الواقع والخيال.

كما اعتدنا هنا، ففهم الأسباب والوقوف عليها هي الخطوة الأولى نحو علاج الكذب عند الاطفال أو أي مشكلة أخرى قد نواجهها مع أبناءنا. والآن، ماذا عن الانتقال للخطوة التالية؟

ماذا تفعل عندما يصبح طفلك كاذبًا مرضيًا؟

يجب أن نحدِّد أولًا ما هو الكذب المرضي؟ حيث يُعتبر الكذب سلوكًا طبيعيًا في بعض مراحل النمو عند الأطفال، وخاصة في سنوات الطفولة المبكرة، حيث يكون ناتجًا عن خيال واسع أو خوفًا من العقاب.

بينما يتحوَّل الكذب عند الأطفال إلى مشكلة مرضية عندما يصبح متكررًا بشكلٍ مُفرِط، خاصة عندما يكذب الطفل وهو واعٍ لكذبه سواء للتلاعب أو للإضرار بالآخرين.

وما العمل عندها؟ إذا لاحظت أن طفلك يكذب دون شعور بالذنب أو أنه يبرر كذبه في كل مرة، فيجب أن تفهم أن هذه علامة خطر تدعو للتوقف والتأمل، وخاصةً عندما يأتي مع الكذب سلوكيات أخرى، مثل السرقة أو التنمر على أقرانه أو العزلة. كل هذا يشير إلى وجود مشكلات نفسية أكبر يجب اللجوء إلى أخصائي للتدخُّل وحلّها.

هنا، تجب الإشارة إلى أن ظهور الكذب عند الاطفال في سن متقدمة، فوق 8 سنوات، دون محاولة تدخُّل منها لعلاجه، أو عندما لا يستجيب الطفل لتدخُّلاتنا تلك، فيجب عندها اللجوء إلى أخصائي متخصص فهو الأجدر بالتعامل مع مشكلة كهذه حيث يتبع وسائل علاج الكذب عند الاطفال بجدية وفعالية.

لكن هل يلزم دائمًا الذهاب إلى أخصائي؟ ألا يمكن علاج الكذب في البيت؟

علاج الكذب عند الأطفال في البيت

يمكن في الحالات البسيطة علاج الكذب عند الاطفال في البيت، حيث لا يلزم دائمًا اللجوء إلى أخصائي. إن التعامل مع الكذب عند الاطفال يحتاج إلى وعي وهدوء، فالعقاب البدني أو اللفظي قد يدفعان الطفل إلى التمادي في الكذب بدافع الخوف.

الخطوة الأولى نحو علاج الكذب عند الاطفال في البيت هي فهم سبب الكذبة. هل يكذب الطفل بغرض الخوف أو لفت الانتباه؟ أو لأن لديه خيالًا واسعًا؟ بمجرد فهمنا الدافع، يصبح التعامل مع الموقف أكثر سهولة.

الخطوة الثانية هي الحرص على فتح حوار هادئ مع الطفل. اظهِر لطفلك أنك تفهم مشاعره جيدًا لكنك ترفض الكذب كوسيلة للتعامل مع الأمور.

ويمكن أن تلجأ لاستخدام مواقف الحياة اليومية لتعلِّمه الفرق بين الحقيقة والخيال. اشرح له عواقب الكذب ولكن بطريقة تناسب عمره.

من المهم جدًا أيضًا أن تمثِّل لطفلك قدوة في الصدق. إن الطفل يقلِّد ما يراه، فكن صادقًا أمامه على الدوام. لا تخبره أن يقول “لعمو” أن بابا ليس موجودًا بينما أنت متواجد بالفعل. هذا يدفع الطفل لتقليدك، وحينها لن تجرؤ على أن تقول له أن الكذب ليس عادة حميدة، فإن كانت كذلك، فلماذا تلجأ له أنت نفسك؟

من الضروري في هذه العملية أن تتجنب إحراج طفلك أو أن تصفه بالكذاب. ركّز على الفعل نفسه ولا تنتقد شخصيته.

في النهاية، كافئ سلوكه الصادق، فالتعزيز الإيجابي يساعد طفلك على تكرار السلوك الجيد بدلًا من استخدام الكذب كوسيلة للهروب.

تعرف على: أسس التربية السليمة للأطفال

الآن، متى تحتاج إلى زيارة مختص؟

كيفية علاج الكذب عند الاطفال​

وكما يمكن لنا علاج الكذب عند الاطفال في البيت في الحالات البسيطة، يجب أن نوضِّح هنا ما هي الحالات الكبيرة أو التي يصبح فيها ضروري استشارة أخصائي نفسي أو تربوي.

يجب على الآباء اللجوء إلى متخصص إذا كان الطفل يكذب بشكلٍ متكرر حتى في أبسط الأمور أو تلك التي لا تحتاج منه الكذب فيها.

يمكن أن نلجأ إلى أخصائي أيضًا إذا كان الكذب يأتي معه سلوكيات أخرى مثل العدوانية، العزلة، أو القلق الشديد.

وفي حالات أخرى، يؤثر الكذب على علاقات الطفل الاجتماعية أو تحصيله الدراسي.

هناك أيضًا حالات تظهر فيها براعة الطفل في الكذب وإخفاء الحقيقة بطريقة ممنهجة مثيرة للقلق.

يجب أن نعي جيدًا أن اللجوء إلى متخصص لا يعدّ دليلًا على فشل الأهل، لكنها خطوة ذكية لحماية الطفل ومساعدته على النمو بالشكل المطلوب سواء نفسيًا أو سلوكيًا.

علاقة الكذب بالذكاء

ربما تبدو المعلومة مفاجئة بعض الشيء، لكن هناك دراسات تشير إلى أن الكذب في سن مبكرة ربما يكون علامة على تطور مهارات الطفل الإدراكية كالقدرة على التخطيط والتفكير المنطقي وفهم منظور الآخر.

لكن يجب أن نفهم بالطبع أن تكرار الكذب دون رقابة أو تقويم يؤدي إلى مشاكل في الشخصية والعلاقات لاحقًا. إن الذكاء الحقيقي يجب ألا يقاس بالقدرة على الكذب والمراوغة، بل بالقدرة على التصرف بأمانة وحكمة.

تعرف على: أسباب ضعف الشخصية عند الأطفال

أسئلة شائعة عن الكذب عند الأطفال

هل يلجأ كل الأطفال إلى الكذب؟

بالتأكيد. إن الكذب سلوك شائع بين الأطفال، وخاصة في سن ما قبل المدرسة، وغالبًا ما يكون الكذب جزءً طبيعيًا من نمو الأطفال الإدراكي والاجتماعي.

هل يجب علينا معاقبة الأطفال على الكذب؟

الأولى من التركيز على العقاب هو التوجيه الإيجابي والتفاهم، فإفهام الطفل وتوعيته بنتائج الكذب أكثر فعالية من العقاب وحده.

كيف أفرق بين الخيال والكذب؟

الخيال يعدّ جزءً من تطور الطفل الطبيعي، بينما الكذب يكون بغرض تضليل الآخرين. ويمكن أن نفرِّق بين الأمرين في حديث الطفل عن طريق معرفة “نيّة” الطفل وراء كلامه.

إذا تجاهلت كذب الطفل، هل تُحل المشكلة من تلقاء نفسها؟

بالعكس، فالتجاهل يمكن أن يشجّع الطفل على تكرار سلوك الكذب. الأفضل من التجاهل هو مناقشة المشكلة بهدوء ومعرفة الدوافع وراء الكذب وتوجيه الطفل للسلوك الصحيح.

متى يصبح الكذب خطرًا على الطفل؟

إذا كان متكررًا أو ارتبط بإيذاء الآخرين، أو إن صاحبته مشكلات نفسية واجتماعية. ويفضّل وقتها استشارة أخصائي نفسي أو تربوي.

مصطفى اليماني، خريج نظم معلومات إدارية دفعة ٢٠١٣، يعمل في كتابة المحتوى منذ عام ٢٠١٩، وتخصص في عام ٢٠٢٣ في المحتوى التعليمي والتربوي والمحتوى المتعلق بصحة الأسرة والطفل. كما يعمل في مجالي الصحافة والترجمة الأدبية.