نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

كثير من الأهل يختارون أساليب التربية فقط لأنها الطريقة التي نشأوا هم عليها، لكننا اليوم نعرف الكثير عن تأثيرات الطرق المختلفة لتأديب الأطفال.
الضرب قد يكون مُهينًا للطفل ويمكن أن يؤدي إلى زيادة العدوانية ومشاكل في السلوك والمشاعر وحتى مشاعر الغضب والنفور من الأهل هذا بالإضافة إلى الأذى الجسدي. وفي كثير من الأحيان لا يعلّم الضرب الطفل الدرس الذي يقصده الوالد كما أن الأبحاث تُظهر أن الضرب لا يُحسّن السلوك على المدى البعيد وان من المفترض استخدام طرق عقاب الأطفال بدون ضرب.
بدلاً من تعليم الأطفال سلوكيات بديلة إيجابية، يُعلّمهم الضرب أن العنف هو رد فعل مقبول عند الشعور بالغضب وهذا قد يجعلهم أكثر ميلاً لضرب إخوتهم أو زملائهم. بالإضافة إلى ذلك، بعض الأطفال يُسيئون التصرف فقط لجذب الانتباه وبالتالي يمكن للضرب أن يعزز السلوك السيئ لأنه يمنحهم ما يريدون: الانتباه.
وكثيرًا ما يعاقب الأهل أطفالهم بالضرب لأنهم يعتقدون أن السلوك الخاطئ كان مقصودًا، وأن الطفل كان قادرًا على اتخاذ قرار أفضل لكنه اختار العكس. كما يظنون أن الطفل قادر على التفكير في الفعل قبل أن يقوم به وهذه قناعتهم وواقعهم. لكن للأسف، هذا غير صحيح.
طرق عقاب الأطفال بدون ضرب: لماذا لا يجب أن تضرب طفلك؟ إليك أربع نقاط رئيسية
1. الضرب لا يمنح الطفل تحكمًا فعليًا بسلوكه
الدراسات أظهرت أن الضرب لا يزيد من التزام الأطفال بل العكس تمامًا. الأطفال الذين يُرشدون باستخدام التوجيهات اللفظية الحازمة دون عنف يكونون أكثر طاعة ووعيًا داخليًا.
أما الذين يتعرضون للضرب فغالبًا ما لا يتصرفون بشكل صحيح عندما لا يكون الأهل موجودين لأنهم لا يطوّرون إحساسًا داخليًا بالصواب والخطأ. الأسوأ أن كثيرًا من حالات الإساءة الجسدية تبدأ كـ”عقاب مقبول اجتماعيًا” مثل الضرب.
تعرّف على: 4 طرق ذكية للتعامل مع الطفل العنيد بهدوء وحب
2.الأطفال الذين يتعرضون للضرب يصبحون أكثر عدوانية
واحدة من الدراسات أظهرت أن الأطفال الذين تعرّضوا للضرب في عمر 3 سنوات، أصبحوا أكثر عدوانية بنسبة 50٪ عند بلوغهم سن 5. النتائج الأخرى شملت:
• زيادة في السلوك الإجرامي
• تضرّر العلاقة بين الطفل والأهل
• تدهور في الصحة النفسية للطفل
• ارتفاع احتمالية تعرض الطفل للعنف لاحقًا
• زيادة في السلوك العدواني لدى البالغين
• احتمالية أعلى لإساءة معاملة الشريك أو الأبناء في المستقبل
3. الأطفال الذين يتعرضون للضرب لديهم معدل ذكاء أقل
الدراسات بيّنت أن الأطفال الذين يُوجّهون بأساليب غير عنيفة يسجلون معدل ذكاء أعلى بخمس درجات مقارنةً بمن تعرّضوا للضرب. لماذا؟ لأن الضرب مرهق نفسيًا، والتوتر المستمر يؤثر سلبًا على تطوّر الدماغ. والأهم من ذلك أثناء تعرّض الطفل للضرب لا يحدث أي تعلم فعلي فقط خوف.
4. ما الذي يتعلمه الطفل من الضرب؟
الضرب يُعلّم الطفل أن العنف حل مقبول فالرسالة التي يتلقاها الطفل “إذا لم تحصل على ما تريد اضرب”. كما أن الضرب يجعل الطفل يشعر أنه لا يستحق نفس الكرامة التي يتمتع بها البالغون. من المهم أن نتذكّر أن الضرب الزوجي كان حتى الستينيات مقبولًا اجتماعيًا لكن اليوم نرفضه تمامًا. فهل سنقبل بعنف الأطفال كأمر “عادي” أيضًا؟
4 طرق لعقاب الأطفال بدون ضرب
1. لا تركّز على السلوك، بل ابحث عن أسبابه
السلوك ليس المشكلة بل هو مجرّد عرض فعندما يضرب الطفل مثلًا فهذا في الغالب بسبب شعور بالإحباط أو الغضب وعدم قدرته على التعبير عنه أو التحكّم فيه. الطفل الصغير لا يملك القدرة على التوقّع أو التفكير في النتائج. هو فقط يتصرف.
لهذا عندما تسأل “لماذا فعلت ذلك؟” لن تحصل على إجابة حقيقية. حتى نحن الكبار أحيانًا لا نعرف لماذا تصرفنا هكذا, فهل من المنطقي أن نطلب من طفل أن يتحكّم في نفسه أفضل منّا؟
المشكلة أن بعض الأهل يغضبون من الطفل لأنه غاضب وهذا طبيعي ومفهوم، لكن المطلوب هنا هو أن نغيّر نحن نظرتنا لسلوك الطفل ونفهم مراحل تطوره.
عندما نعاقب طفلًا لأنه ضرب فنحن نتصرف وكأن الطفل كان قادرًا على التفكير والاختيار بينما هو لم يطوّر هذه المهارة بعد.
الحل ليس في العقاب بل في تعليم الطفل كيف يهدأ ويتعامل مع مشاعره. لكن هذه مهارة لا تُكتسب بسرعة لكنها ستخدمه طوال حياته وهكذا نكون قد عالجنا السبب الحقيقي لا فقط النتيجة الظاهرة.
تعرّف على: التحديات التي يواجهها الآباء والأمهات في تربية الأطفال
2. كن قدوة واصنع بيئة تساعد على التعلّم
إذا كنت لا تريد من طفلك أن يصرخ أو يضرب لا تصرخ ولا تضرب أنت أيضًا. الطفل يتعلم من أفعالك، لا من نصائحك لأن سلوكك هو رسالتك الأولى.
كثير من الأهل يقولون إن “الكلام لا ينفع” لكنهم أنفسهم يصرخون ويغضبون طوال الوقت… ثم يتعجّبون لماذا الطفل يقلّدهم.
البيئة التي يعيش فيها الطفل هي ما يساعده على التعلّم والتطور فكلما كانت هادئة ومحفّزة، كلما ساعدته على بناء سلوك إيجابي.
وإذا اضطررت إلى فرض نتيجة على السلوك اجعلها طبيعية أو منطقية. مثلًا، إذا لم يرغب في الأكل ببساطة احفظ الطعام في الثلاجة ليأكله لاحقًا كما نفعل نحن الكبار.
وأخيرًا، لا تقلل من أهمية الإبداع في التوجيه فلا تأخذ لعبة ممتعة وتستبدلها بشيء ممل وتتوقّع منه أن يرضى! أحيانًا عليك أن تخلق مغامرة فالتربية تحتاج جهد… وإبداع… ليست أوامر فقط.
3.كافئ السلوك الجيد
إلى جانب المديح فإن تقديم مكافآت على السلوك الإيجابي يساعد الطفل على تكرار هذا السلوك مستقبلاً. ويمكنك حتى سؤال الطفل: “ما المكافأة التي تحبها؟”
والمهم أن يشعر أن جهده وتغييره للأفضل يُقدَّر ويؤتي ثماره.
4.استمع إلى طفلك
إذا كان من المهم أن تتحدث مع طفلك عن سلوكه من الضروري أيضًا أن تستمع له جيدًا وتحاول أن تفهم ما يشعر به ولماذا يتصرّف بهذه الطريقة. لذلك يجب أن تأخذ وقتك للاستماع الحقيقي لما يقوله طفلك واشرح له أيضًا ما تشعر به أنت.
بالاضافة الا أن الأطفال ما زالوا يتعلمون كيف يعبّرون عن مشاعرهم واحتياجاتهم، فكل ما يقولونه أو يفعلونه هو وسيلة للتواصل سواء كان فرحًا أو رضا أو غضبًا أو إحباطًا.
ببساطة، لا تنظر فقط إلى السلوك، بل إلى ما وراءه من مشاعر تحاول أن تجد لها مخرجًا.
5.اطلب المساعدة من شخص آخر
إذا شعرت أنك غاضب جدًا لدرجة قد تفقد فيها السيطرة، فلا تتردد في طلب المساعدة من شخص آخر غير مندمج في الموقف بنفس عمقك. هذا يقلل من احتمالية أن تتصرف بطريقة عنيفة.
6.استخدم مهلة الانضباط (Timeout)
القاعدة العامة هي دقيقة واحدة عن كل سنة من عمر الطفل. المكان الذي يجلس فيه الطفل ليس الأهم بل الأهم أن يرتبط السلوك بالعاقبة. اختر مكانًا هادئًا لا يجد فيه الطفل انتباهك أو تشجيعًا غير مقصود. وإذا كان الطفل في نوبة غضب، يجب أن تبدأ المهلة بعد أن يهدأ ويستطيع الجلوس بهدوء للمدة المطلوبة.
7.ضع حدودًا واضحة
بدلاً من قول ما يجب أن يفعله الطفل حاول أن تقول ما أنت مستعد لفعله أو ما ستسمح به. مثلًا: “سآخذك لزيارة صديقك بعد أن تنتهي من ترتيب غرفتك.”
8.اجعل توجيهك ايجابي
غالبًا ما نطلب من أطفالنا أشياء بطريقة سلبية مثل: “لا تركض” أو “لا تلمس هذا”. الطفل يسمع أولًا ما لا يُسمح له به. غيّر طريقتك وقل له ما يمكنه فعله، مثل “امشِ بهدوء” أو “يمكنك لمس هذا الجزء فقط.” بهذه الطريقة تقلّ احتمالية الجدال ويزيد التعاون.
أخيرا
الأبوة والأمومة أمرٌ صعب وهذه حقيقة لا جدال فيها. قد تكون مهمة مُرهِقة ومُحبِطة، وغالبًا لا يُقدّرها أحد كما ينبغي. فمن الطبيعي أن يشعر الأب أو الأم بالإحباط أو الغضب أو الحزن، أو حتى الوحدة أحيانًا خاصة أثناء اتخاذ قرارات تربوية صعبة.