نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

سوء التغذية عند الأطفال: الأسباب، والأعراض وطرق الوقاية

لقد أصبحنا نعيش في عالَم أشبه بالـ “بوفية المفتوح”، حيث تتوفّر فيه أطعمة مختلفة الألوان والأشكال، إلّا أن سوء التغذية عند الأطفال يظلّ مرض العصر، فلا تخلو عيادة من عيادات طب الأطفال من شكاوى الأمهات وقلقهن على أطفالهن، سواء من أعراض سوء التغذية أو مضاعفاته.

وهنا يجب أن نقول أن سوء التغذية لا يرتبط بالإمكانيات أو مستوى المعيشة، فالبعض قد يتصور أن سوء التغذية عند الأطفال يأتي من قلة الطعام الذي يتناولونه، إلا أن الأمر يرتبط أيضًا بعدم توازن العناصر الغذائية التي يحصل عليها الطفل، حيث يمكن أن يعتمد على “أطعمة فقيرة” لا تمده بالعناصر الغذائية اللازمة.

ولأن مرحلة الطفولة هي مرحلة البناء، فأي خلل في التغذية قد يؤثر بالسلب على نمو الطفل الذهني أو البدني. لهذا، نشارك معكم مقالنا هذا، حيث نتحدث فيه عن سوء التغذية: ما هو، أسبابه، أعراضه، طرق علاجه والوقاية منه. فإلى المقال.

ما هو سوء التغذية عند الأطفال

في أذهان الغالبية، يرتبط سوء التغذية فقط بقلة الطعام أو النحافة، لكن هذا مجرد شكل من أشكال سوء التغذية، بينما يعني سوء التغذية عند الأطفال عدم حصول الطفل على ما يكفي من العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها جسمه للتطور والنمو بشكلٍ طبيعي. ويحدث هذا نتيجة لشيئين:

1. نقص في كمية الطعام.

2. تناول أطعمة تفتقر إلى الفيتامينات والمعادن الضرورية مثل الحديد، والكالسيوم، وفيتامين د، والبروتينات.

وبعكس الشائع، فإن سوء التغذية قد يظهر أيضًا في صورة سمنة ناتجة عن تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون، لكنها تفتقر إلى القيمة الغذائية التي ذكرناها سابقًا.

المستفاد هنا هو التركيز على “جودة” ما نطعمه لأطفالنا وليس “الكمية” فقط لضمان صحة متوازنة وحياة خالية من سوء التغذية.

تعرفي على: فوائد الأكل الصحي لأطفالك

أسباب سوء التغذية عند الأطفال

أسباب سوء التغذية عند الأطفال عديدة، وغالبًا ما تكون ناتجة عن عوامل بيئية، أو اجتماعية، أو صحية، ومن أبرزها:

  • نقص الوعي الغذائي عند الأسرة: كثير من الآباء يجهلون احتياجات أطفالهم الغذائية اليومية، وذلك يؤدي إلى تقديم أطعمة غير متوازنة أو غير كافية من حيث الفيتامينات والمعادن.
  • الاعتماد على الأغذية المصنعة: يستهلك أطفالنا سعرات حرارية كثيرة نتيجة تناول الوجبات السريعة والأطعمة المعلبة والمشروبات الغازية، لكن هذه الوجبات فقيرة بالعناصر المغذية.
  • مشكلات صحية: قد يعاني بعض الأطفال من أمراض مزمنة، أو مشاكل في الجهاز الهضمي، أو حتى فقدان في الشهية يؤثر على قدرتهم على تناول الطعام أو امتصاصه.
  • الظروف الاقتصادية: أحيانًا ما تعيق ظروف الأسرة المادية قدرتها على توفير وجبات صحية ومتنوعة لأطفالها.
  • العادات الغذائية الخاطئة: تتنوع ما بين تناول وجبة واحدة يوميًا، أو الإكثار من تناول الحلوى والوجبات الخفيفة (السناكس) على حساب الوجبات الأساسية.

لا يصاب أطفالنا بسوء التغذية بشكلٍ مفاجئ، بل يتراكم تأثيره مع مرور الوقت، لذلك يجب أن نكتشف أسبابه مبكرًا ونبدأ في علاجه لنتفادى مضاعفاته على صحة أطفالنا.

أعراض سوء التغذية عند الأطفال

لكن كيف نميّز سوء التغذية عند الأطفال؟ كيف نعرف أن أطفالنا مصابين بهذا المرض؟ قد يمثّل هذا تحديًا، حيث أن سوء التغذية لا يعلن عن نفسه دائمًا بشكل مباشر، فهو لا يأتي على صورة ألم في المعدة مثلًا يمكن اكتشافه على الفور، إلا أن هناك بعض العلامات التي يجب أن ينتبه لها الأهل، ومن أبرزها:

  • النحافة: قد يكون نقص الوزن أو عدم زيادته بالشكل الطبيعي من أبرز العلامات التي يمكن ملاحظتها، خاصةً إذا لاحظت الأسرة أن طفلها لا ينمو بنفس سرعة أقرانه.
  • شحوب البشرة وتساقط الشعر: يأتي هذا نتيجة نقص عنصريّ الحديد أو البروتين، وغالبًا ما يصحبه جفاف الجلد أو تقصف الأظافر.
  • الإرهاق المستمر: قد نلاحظ على الطفل شعوره بالتعب السريع أو افتقاره إلى الحماس أثناء اللعب والتعلم.
  • تأخر النمو العقلي أو الحركي: مثل تأخر النطق، الحركة، أو التركيز، وتتضح هذه العلامة في آداء الطفل المدرسي والاجتماعي.
  • ضعف المناعة: وهذه علامة نلاحظها من تكرار الإصابة بالأمراض، مثل نزلات البرد، التهابات الحلق، وأمراض الجهاز الهضمي. تتكرر الإصابة بهذه الأمراض لعدم حصول الجسم على العناصر التي تدعم جهاز المناعة.
  • مشكلات في السلوك أو المزاج: مثل العصبية الزائدة، فقدان الشغف بالنشاطات، أو اضطرابات النوم.

التركيز على هذه الأعراض ورصدها بشكل مبكر يساعد على الوقاية من مضاعفات سوء التغذية عند الأطفال.

 مضاعفات سوء التغذية عند الأطفال

لا يقتصر سوء التغذية عند الأطفال على الأعراض السابقة، مثل النحافة أو ضعف التركيز، لكنه يؤثر على صحة الطفل في المستقبل أيضًا من خلال مضاعفات خطيرة، نشاركها معكم عن تستشعروا خطورة سوء التغذية على صحة أطفالكم:

  • تأخر النمو الجسدي والعقلي: عندما لا يحصل الطفل على ما يكفي من العناصر الغذائية الأساسية، فإنه قد يُصاب بتأخر في الوزن والطول، وكذلك بطء في التطور المعرفي والإدراكي.
  • ضعف الجهاز المناعي: عندما لا يحصل الطفل على العناصر الغذائية اللازمة لتقوية المناعة، يصبح أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والأمراض، وتطول فترة شفائه منها.
  • الإصابة بالأنيميا: من المضاعفات الشائعة جدًا. تحدث الأنيميا أو فقر الدم نتيجة نقص الحديد أو فيتامين B12، ما يؤدي إلى شعور دائم بالتعب والدوار وقلة التركيز.
  • مشاكل في الأسنان والعظام: تتنوع ما بين هشاشة العظام وتسوس الأسنان بسبب نقص الكالسيوم وفيتامين د المسؤولين عن صحة العظام وقوتها.
  • الاضطرابات النفسية والسلوكية: صدق أو لا تصدق، يؤثر سوء التغذية على نفسية الطفل أيضًا وليس بدنه فحسب، ويسبب له أمراضًا مثل الاكتئاب، القلق، العزلة الاجتماعية، اضطرابات النوم، وصعوبات التعلم.
  • السمنة المفرطة في المستقبل: أظهرت دراسات أن الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية في صغرهم قد يواجهون خطر الإصابة بالسمنة لاحقًا بسبب اضطراب التوازن الغذائي.
  • ضعف الآداء الدراسي: يؤثر سوء التغذية بشكل مباشر على التركيز والانتباه ويسبب تراجعًا في التحصيل العلمي.

وهكذا نصل إلى إدراك أن علاج سوء التغذية لا يشمل فقط ضبط العادات الغذائية ولكنه يحتاج إلى متابعة طبية شاملة وخطة غذائية تناسب احتياجات الطفل.

كيفية تشخيص سوء التغذية عند الأطفال

يشمل تشخيص سوء التغذية عند الأطفال العديد من الفحوصات التي يجريها الطبيب، مثل:

  • تقييم التاريخ الصحي: من خلال سؤال الأهل عن عادات الطفل الغذائية، نوع الطعام الذي يتناوله الطفل، وعدد الوجبات اليومية، وطبيعة شهيته للطعام.
  • القياسات الجسمانية: مثل قياس الوزن، الطول، ومحيط الرأس، ومقارنة كل ذلك بالمعدلات الطبيعية لعمر الطفل.
  • الفحوصات المعملية: يمكن أن يطلب الطبيب بعض التحاليل للتأكد من وجود نقص في العناصر الغذائية، مثل تحليل نسبة الحديد في الدم، فيتامين د، فيتامين B12، والزنك، وأحيانًا يطلب تحليل بول وبراز للكشف عن سوء الامتصاص أو الإصابة بطفيليات.
  • تقييم السلوك والنشاط: من خلال ملاحظة حالة الطفل العامة، مثل مدى نشاطه، قدرته على التركيز، وتفاعله مع البيئة المحيطة.
  • مراقبة النمو: وهذه تتم على المدى الطويل إذا لوحظ أن الطفل لا ينمو بمعدل طبيعي، فذلك قد يكون مؤشرًا قويًا على وجود مشكلة تغذية.

كل هذه المؤشرات تساعد الطبيب على تشخيص حالة الطفل ووضع الخطة العلاجية المناسبة له.

تعرف على: الفرق بين الطعام الصحي وغير الصحي

علاج سوء التغذية عند الأطفال

يشمل علاج سوء التغذية عند الأطفال مراحل عديدة، تُحدَّد كلها بناءً على التشخيص السليم لحالة الطفل، وعادةً ما يشمل العلاج:

  • نظام غذائي متوازن: يشمل كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل، مثل البروتينات، الكربوهيدرات، الدهون الصحية، الفيتامينات، والمعادن الأساسية، مع التركيز على أن تكون الأطعمة طازجة وطبيعية.
  • مكملات غذائية: بعض الحالات تستلزم وصف مكملات غذائية مثل الحديد وفيتامين د والزنك لتعويض النقص بسرعة.
  • علاج الأسباب الطبية: إذا أثبت التشخيص أن الطفل يعاني مرضًا مزمنًا مثل حساسية القمح (السيلياك) أو مشاكل في الامتصاص، يجب علاج هذه المشكلة أولًا.
  • دعم نفسي وسلوكي: تحتاج الحالات التي تعاني فقدان في الشهية أو اضطرابات سلوكية مرتبطة بالطعام دعمًا نفسيًا من خلال التعاون مع أخصائي نفسي سلوكي للأطفال.
  • توعية أسرية: يجب أن يتم توعية وتثقيف الأهل بأهمية التغذية السليمة وطرق تقديم الطعام الصحي بطريقة مشوقة وجذابة للطفل.
  • متابعة مستمرة: يجب متابعة نمو الطفل بشكلٍ منتظم لضمان تحسنه واستجابته للعلاج.

هكذا، يمكن التغلب على سوء التغذية عند طفلك وضمان مستقبل صحي أفضل له.

تعرف على: دليل أطعمة زيادة التركيز عند الأطفال

كيفية الوقاية من سوء التغذية عند الأطفال

يمكن جدًا الوقاية من سوء التغذية عند الأطفال وعدم تعريض أطفالنا لكل ما سبق من أعراض ومضاعفات والمرور بخطوات العلاج، والوقاية تبدأ من البيت باتباع خطوات بسيطة لكنها مؤثرة في الوقت ذاته، ألا وهي:

  • الحرص على تنويع الوجبات الغذائية اليومية: يعني هذا ألا تقتصر الوجبات على نوع واحد، فلا بدّ من أن ندمج فيها الخضر، الفاكهة، الحبوب الكاملة، البروتينات، ومنتجات الألبان.
  • متابعة نمو الطفل بانتظام: من خلال الحرص على زيارة طبيب الأطفال بصفة دورية وقياس الوزن والطول.
  • التقليل من الوجبات السريعة والمصنَّعة: وهذا لأنها تفتقر إلى العناصر الغذائية الضرورية إلى جانب امتلائها بالسعرات والسكريات.
  • تشجيع طفلك على الحركة: النشاط البدني يعزز الشهية ويساعد على حرق السعرات الزائدة.
  • التثقيف: ثقف نفسك وطفلك حول الغذاء الصحي. اجعله يشارك في تحضير الطعام واختر معه وجبات مغذية.

مصطفى اليماني، خريج نظم معلومات إدارية دفعة ٢٠١٣، يعمل في كتابة المحتوى منذ عام ٢٠١٩، وتخصص في عام ٢٠٢٣ في المحتوى التعليمي والتربوي والمحتوى المتعلق بصحة الأسرة والطفل. كما يعمل في مجالي الصحافة والترجمة الأدبية.