نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

هل يتحدث ابنك بطريقة سليمة؟، هل تملك ابنتك حصيلة لغوية كافية لعمرها؟ أسئلة تقلق كل أم، لأن اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي أساس التفكير والتعلم وحتى الثقة بالنفس. ومن اللحظة التي يقول فيها الطفل “ماما” أو “بابا”، تبدأ رحلة ممتعة وطويلة تُسمى تنمية المهارات اللغوية.
في هذا المقال، سنساعدك على فهم مراحل تطور اللغة عند طفلك، وتعرّفي كيفية تنمية مهاراته الكلامية من اللحظة الأولى، وحتى مرحلة ما قبل المدرسة.
مراحل تطور المهارات اللغوية عند الطفل: لكل طفل توقيته الخاص
من الولادة إلى 6 أشهر: “أنا موجود”
الأصوات الأولى: البكاء، الغرغرة، الأصوات العشوائية.
التفاعل: يبتسم عندما يسمع صوتك، يحرك يديه وهو “يتحدث”.
المتوقع: يميز صوت الأم، يهدأ عندما يسمع أصوات مألوفة.
ماذا تفعلين؟
- تحدثي معه باستمرار، حتى لو لم يرد. صوتك بالنسبة له أمان وحب.
- غني له أغاني قصيرة.
لا تقلقي إذا لم يقم طفلك بكل هذا في نفس التوقيت، فكل طفل مختلف عن غيره والمقارنة بين الأطفال قد تسبب قلقاً لا مبرر له. ركزي على التفاعل، وليس على عدد الكلمات.
من 6 إلى 12 شهراً: “أنا أفهم وأقلد”
الكلمات الأولى: “ماما”، “بابا”، “لا”
الفهم: يستجيب لاسمه، يفهم أوامر بسيطة مثل “تعال هنا” ويبدأ في ربط بعض الكلمات بالتصرفات، فمثلاً عندما تقولين “جدة”، ينظر إلى الجدة.
التقليد: يحاول تقليد الأصوات والإيماءات.
ماذا تفعلين؟ ردي على أي صوت يصدره كأنه يحاول التواصل فعلاً، واقرئي له قصصاً صغيرة حتى لو لم يفهم.
من سنة إلى سنتين: “أنا أتواصل وأكون جملاً حقيقية”
المفردات: من 10-50 كلمة (وليس من الضروري أن تكون واضحة كلها)
الجمل: جملة من كلمتين “أريد ماء”، “أين بابا؟” ويفهم تعليمات بسيطة مثل “أحضر الكرة”
الفهم: يفهم أكثر مما يتحدث (وهذا طبيعي جداً)
ماذا تفعلين؟ دعيه يختار، واسأليه أسئلة مفتوحة: “ماذا تحب أن تأكل؟” وليس فقط “تريد طعاماً؟”
من سنتين إلى 3 سنوات: “أنا أحكي”
الانفجار اللغوي: المفردات تزيد بسرعة (200-1000 كلمة)
الجمل الكاملة: “أنا أريد أن أذهب إلى النادي” ويبدأ في السؤال “لماذا؟” و”أين؟”
يستطيع حكاية موقف بسيط حدث له، ويبدأ في استخدام الضمائر مثل “أنا” و”أنت”
ماذا تفعلين؟ امنحيه مساحة ليحكي، حتى لو أخطأ. صححي له بلطف دون أن تقطعي حماسه.
علامات تستدعي الانتباه (دون ذعر)
في عمر السنة:
- لا يستجيب لاسمه نهائياً
- لا يقول أي كلمة (حتى لو لم تكن واضحة)
- لا يفهم أوامر بسيطة مثل “قل وداعاً”
في عمر السنتين:
- لا يقول جملاً من كلمتين
- صعوبة في فهم الطلبات البسيطة
- لا يقلد الكلمات أو الأصوات
- لديه نبرة صوت غريبة أو لا يقلد الأصوات
من المهم أن نعرف أن هناك فروقاً فردية وأن التأخر البسيط في الكلام شائع، وأحياناً يعوض الطفل بسرعة عندما يكون مستعداً.
وبالطبع يمكنك استشارة أخصائي تخاطب، والأفضل دائماً أن نطمئن مبكراً.
كيفية تنمية المهارات اللغوية للطفل في المنزل
اقرئي له يومياً (حتى لو 10 دقائق)
القراءة للطفل تزيد الحصيلة اللغوية، وتعلمه تركيب الجمل، وتقوي الخيال.
الكتب المناسبة:
- من 6 أشهر: كتب مصورة بألوان جذابة
- من سنتين: قصص صغيرة بتكرار (مثل “الدب الجائع”)
نصيحة: ليس من المهم إنهاء الكتاب – المهم هو التفاعل والمتعة
التحدث المستمر مع الطفل
حتى لو لم يرد، تحدثي مع طفلك عن كل شيء حوله. مثال: “هل ترى القطة؟ ما لونها؟”
لماذا هذا مهم: دماغ الطفل يمتص الكلمات مثل الإسفنجة، حتى لو لم يرد.
الأغاني والأناشيد
خاصة التي تحتوي على تكرار وحركات، تساعده على ربط الكلمات بالأفعال.
الحركة تساعد على تذكر المعاني وتخلق ذكريات جميلة مع الكلمات.
الأسئلة المفتوحة
بدلاً من أن تقولي له “أكلت؟”، جربي: “ماذا أكلت؟ هل أعجبك أم لا؟”
التكرار دون ملل
عندما يقول طفلك كلمة خاطئة، لا تصححيها بطريقة مباشرة.
إذا قال طفلك كلمة خاطئة، أعيديها صحيحة دون توبيخ (مثال: إذا قال “أكلت توتة”، قولي “نعم، أكلت فراولة”).
بهذا تصححين الكلمة وتوسعين المفردات في نفس الوقت.
الألعاب اللغوية
هناك ألعاب مخصصة تساعد على تنمية هذه المهارات، مثل البطاقات المصورة، أو ألعاب “أين يدك؟” التي تعتمد على التسمية.
- العبي ألعاب تصنيف الأشياء
- استخدمي ألعاب تركيب الصور
دور الحضانة (الروضة) في تطور اللغة: خلطة سحرية بين اللعب والتعلم
كثير من الأمهات يسألن “هل الحضانة تساعد الطفل فعلاً على التحدث بشكل أفضل؟”
والإجابة ببساطة هي نعم، تنمية المهارات اللغوية في مرحلة التعليم المبكر وما قبل المدرسة تضع الأساس لنجاح الطفل الأكاديمي والاجتماعي. تذكري أن أفضل طريقة للتعلم هي اللعب والتفاعل اليومي. كل كلمة جديدة، كل جملة صحيحة، هي خطوة تقرب من الفهم والتعبير.
“اللغة هي دماغ التفكير، ومفتاح المعرفة، وجسر التواصل الإنساني” – ماريا مونتيسوري
تعتبر الحضانة امتداداً لمهام الأسرة في تطوير مهارات الطفل بشكل عام، وتلعب دوراً مهماً في تنمية اللغة بسبب توفر بيئة تعليمية محفزة.
في الحضانة تخلق المعلمات بيئة غنية بالكلمات والمحفزات البصرية؛ فالجدران تمتلئ باللوحات، ويُوضع جدول يومي بالأنشطة اليومية التي تشجع الطفل على المشاركة بالكلام.
أمثلة بسيطة للأنشطة اليومية في الحضانة التي تنمي اللغة:
- أغاني الحضانة: مفردات جديدة مثل “سماء”، “أرنب”، “يجري”، وتقوية ذاكرته السمعية
- قصة قبل النوم أو قبل الاستراحة: تحفز خياله وتزود حصيلته اللغوية
- أنشطة وصفية: مثل أن يرسم رسمة ويشرحها “هذه شمس كبيرة”، “هذه قطة لونها أسود”
- أسئلة مستمرة: “من يعرف اسم هذا الحيوان؟”، “ما اسم هذا اللون؟”، “من فعل هذا؟”
هل كل الحضانات تقوم بهذا؟
لا، ليس دائماً.
لذلك نختار حضانة تركز على الأنشطة التفاعلية، وليس فقط “نجلس نلون ونذهب”.
ومن المهم جداً اختيار حضانة يوجد فيها تواصل حقيقي مع الطفل.
بمعنى أن المعلمة تستمع له، تسأله، تعطيه فرصة للتعبير. وليس مجرد مكان لتضييع الوقت.
اختاري مكاناً المعلمة تتحدث مع الطفل، مكان يوجد فيه مشاركة، وليس تلقيناً، لأن في الأساس البيت والحضانة يكملان بعضهما البعض.
لكن في الحضانة، يحصل الطفل على فرص أكثر للاستماع والتحدث والتفاعل. وهذا يجعله يتقدم بسرعة أكبر.
الخلاصة
اللغة بوابة العالم.
تنمية المهارات اللغوية في مرحلة ما قبل المدرسة تضع الأساس لنجاح الطفل الأكاديمي والاجتماعي. تذكري أن أفضل طريقة للتعلم هي اللعب والتفاعل اليومي.
الصبر والاستمرارية هما مفتاح النجاح في تنمية المهارات اللغوية. كل طفل يتطور بوتيرته الخاصة، والمهم هو توفير بيئة محفزة ومحبة للتعلم.
كل كلمة جديدة، كل جملة صحيحة، هي خطوة نحو عالم أوسع من الفهم والتعبير.