نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال

في عالم معقّد، سريع التغيّر، لم تعد المعرفة وحدها كافية ليتسلَّح بها أطفالنا، بل يجب أن نهتم بـ تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال حتى يصبحوا قادرين على مواجهة المواقف غير المعتادة وابتكار حلول لكل المشكلات.

في هذا المقال، نتناول معًا معنى التفكير الإبداعي، وكيف ننميه، وأهم الأدوات والاستراتيجيات التي يمكن أن نستخدمها لإطلاق العنان لإبداع أطفالنا وتحفيزهم على التفكير خارج الصندوق، فإلى المقال.

ما هو التفكير الإبداعي عند الأطفال

هناك طرق كثيرة يمكن ان نعرِّف بها التفكير الإبداعي عند الأطفال، لكن الطريقة الأبسط هي أنه يعني استطاعتهم على الخروج بأفكار جديدة ومختلفة لحل المشكلات.

هذا ما يخطر لأذهان الناس عند سماع مصطلح “التفكير الإبداعي”، لكن التفكير الإبداعي، في شكله الأعمق، يعني إمكانية الطفل التعبير عن نفسه بطرق غير تقليدية، هذه مهارة تجعله متحدثًا بارعًا مثلًا وتوقع المستمعين أسرى لكلماته.

هناك أيضًا إمكانية تخيّل الطفل سيناريوهات مختلفة، فيمكن له حينها ابتكار حل لكل سيناريو فيكون جاهزًا مستعدًا لأيًا كانت المواجهة القادمة.

هنا، في هذه المساحة من مدونة إديو ماركت، نؤكد أن التفكير الإبداعي لا يعني الخروج بأفكار جديدة ومختلفة لحل المشكلات، لكنه يعني التفكير بلا حواجز، وحصول الطفل على مساحة حرة للنظر إلى الأشياء من شتى الزوايا. وكلما زادت فرصة طفلك على آداء التفكير الإبداعي، زادت ثقته وعظمت قدرته على مواجهة تحديات الحياة، أيًا كانت.

مثال على التفكير الإبداعي عند الأطفال

وحتى نستطيع أن نتخيل معًا ما يعنيه التفكير الإبداعي، وما يمكن أن تحمله لنا تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال من نِعَم، لا بدّ أن نضرب مثلًا عليه:

تخيّل مثلًا أن طفلك يلعب مع أصدقائه في الحديقة بالكرة، وقد علقت الكرة فوق شجرة عالية، فيصبح على الأطفال وقتها ابتكار حلول لمحاولة إنزال الكرة من فوق الشجرة:

1. يقول أحد الأطفال أنه يجب على أحدهم تسلُّق الشجرة. هذا حل بديهي وأساسي جدًا، لكنه يحمل خطورة كبيرة وقد ينتهي بسقوط الطفل وإصابته.

2. يقول طفل آخر أنه يجب عليهم البحث عن أحد الكبار لمساعدتهم على إنزال الكرة. يبدو هذا الحل أكثر أمانًا، لكنه أكثر اعتمادية أيضًا ولا يعبر عن استقلالية الطفل وقدرته على الخروج بحلول للخروج من المشكلات بنفسه.

3. نأتي لطفلك الذي، باعتباره معتادًا على التفكير الإبداعي، يقترح أن نمسك بخرطوم الحديقة ونصوبة نحو الكرة فتسقط الكرة بقوة دفع الماء، أو أن يربطوا عدّة عصيّ ببعضها البعض حتى يصنعوا عصا طويلة يُسقِطوا بها الكرة.

هذه حلول إبداعية غير تقليدية وتحمل مميزات كثيرة، مثل تجنُّب المخاطرة ومعرفة قيمة العمل الجماعي إلخ.

هذا المثال يعدّ الابسط على التفكير الإبداعي عند الأطفال، فتخيل أن يكبر طفلك وقد اعتاد عليه؟ يمكنه عندها أن يتعامل مع مواقف وأزمات مختلفة وكثيرة بطرق إبداعية ويحقق فيها فوزٌ ساحق.

طرق تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال

والآن بعد أن عرفنا ماهية التفكير الإبداعي وقيمته في حياة أطفالنا، نأتي للطرق التي يمكننا بها تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال.

لا بدّ أن نفهم في البداية أن تنمية التفكير الإبداعي تتطلَّب تهيئة بيئة محفزة عليه، فلا بدّ أن نتعلم الإنصات لأطفالنا وملاحظة الأشياء المبتكرة التي قد يأتون بها ضمن أنشطتهم المختلفة ولفت نظرهم إليها وتشيجعهم على مواصلة عملها وهكذا.

فكما تحتاج السمكة إلى الماء حتى تستطيع العوم، يحتاج الطفل إلى بيئة مهيأة حتى يستطيع ممارسة التفكير الإبداعي، أما عن طرق تنمية التفكير الإبداعي فهي عديدة، ومنها:

  • تشجيع الأطفال على الفضول والتساؤل: من خلال تحفيز الأطفال على طرح الأسئلة واستكشاف العالم حولهم. قدم لطفلك إجابات واضحة ومشجعة. شجعه على البحث عن إجابات بنفسه.
  • توفير فرص للعب الحر: اترك طفلك يلعب بحرية دون قيود، فاللعب الحر يساعد على استخدام الخيال وتجربة أفكار جديدة.
  • تنمية مهارات حل المشكلات: لا تقدم لطفلك ألعابًا تعتمد على الترفيه فحسب، بل قدِّم له ألعابًا تنموية تحوي تحديات وألغاز، على أن تكون مناسبة لعمره.
  • تشجيع التعبير الفني: وفر لطفلك أدوات فنية مختلفة، مثل الألوان والصلصال وآداة موسيقية مثلًا، شجعه على التعبير عن نفسه من خلال فنه.
  • قراءة القصص: اقرأ لطفلك قصصًا متنوعة وشجعه على كتابة قصصه الخاصة، فالقصص توسّع الخيال وتنمي الأفق.
  • تشجيع التفكير النقدي: علِّم طفلك كيف يقيم الأفكار بشكلٍ نقدي وأن يفكر في بدائل وحلول أخرى.
  • خلق بيئة داعمة: ادعم طفلك دائمًا على مشاركة أفكاره دون خوف أو سخرية من الانتقاد.

هناك الكثير من طرق تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال، لكن هذه الأكثر شيوعًا وفاعلية وقابلية للتنفيذ أيضًا.

كيف تهيئ بيئة تساعد على تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال

إذا أردت أن تمنح طفلك مساحة لتنمية التفكير الإبداعي لديه، فتأكد أن البداية من البيت، حيث أن البيت هو أول وأهم مساحة يتعلم فيها الطفل التعبير عن نفسه بحرية، لهذا نقدم إليك بعض النصائح لتهيئة البيت:

  • وفّر لطفلك وقت فراغ حر: العديد من الآباء يؤمنون أن وضع جدول بأنشطة للطفل طريقة ناجحة لتنمية مهاراته، قد يكون هذا صحيحًا، لكن توفير وقت فراغ حر لطفلك يمنحه فرصة للتفكير والتجربة والتأمل.
  • اسمح لطفلك بالخطأ: لا يجب أن تعاقبه على كل خطأ يرتكبه، بل امنحه مساحة للخطأ والتجربة، الفشل (صدق أو لا تصدق) جزء أساسي من عملية الإبداع والتعلم.
  • شجّعه على طرح الأسئلة: أحيانًا يتوجَّب علينا مطالبة الآباء بالصبر على أسئلة أطفالهم الكثيرة، لكن هنا نقول ما هو أكثر من ذلك؛ شجِّع طفلك بنفسك على طرح الأسئلة، ناقشه فيها، واطرح عليه أسئلة بدورك.
  • أثنِ على محاولاته وليس نتائجه: لا تنتظر أن ينجح طفلك في شيء ما حتى تمدحه وتثني عليه، بل امتدح محاولاته ذاتها، هذا يدعم نفسيته لتكرار المحاولة والنجاح.
  • تحدث معه عن أفكاره باهتمام: اصغي لأفكاره وتخيّلاته، مهما كانت كثيرة أو غريبة، هذا يمنحه الثقة، خاصةً إذا تفاعلت معه بشكلٍ إيجابي.

لا ينشأ الإبداع في بيت يمتلئ بالأمر والنهي فحسب، بل ينشأ من رحم بيت يرحِّب بالاختلاف، والأفكار الجديدة، والتجارب.

أنشطة لتنمية مهارات التفكير الابداعي للأطفال

قد نسأل بعد كل ذلك، مِن أين يجب أن نبدأ حتى نستطيع السير في تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال؟ الإجابة ليست صعبة، وهناك العديد من الأنشطة المجربة التي يمكن تطبيقها ولا تحتاج ميزانية كبيرة أو أدوات معقدة، منها:

  • الرسم بدون قواعد: امنح طفلك ورقة بيضاء وألوان واسأله أن يرسم شيئًا من وحي خياله.
  • صندوق الأفكار المجنونة: خصِّص علبة صغيرة تحتوي على قصاصات مكتوب عليها أسئلة غريبة (ماذا لو كانت المدرسة تحت البحر؟ ماذا لو استيقظنا ووجدنا أن الأشجار قد اختفت؟) وناقشها معه.
  • إعادة استخدام الأشياء: شجعه على عمل أشكال وأدوات نافعة من بقايا علب الكرتون والزجاجات البلاستيكية الفارغة.
  • لعبة ماذا لو: اطرح عليه أسئلة مثل “ماذا لو كانت الشمس تشرق من الغرب؟ ماذا لو أن الطيور استطاعت التحدث إلينا؟”، تطلق هذه الأسئلة العنان لخياله وتشجعه على التفكير غير التقليدي.
  • قصص تفاعلية: اختارا معًا 3 كلمات عشوائية وليبدأ كلٍ منكما في تأليف قصة تدور حول تلك الكلمات.
  • مشاريع مصغرة: اجعل طفلك يرسم كوكبًا جديدًا بمواصفات وألوان وأجناس مبتكرة، أو أن يصمم مدرسة الأحلام بمواصفات تروقه.

كلها أنشطة تساعد الطفل على التفكير خارج حدود التقليدي والمألوف وتطلق العنان لخياله وبالتالي تنمي التفكير الإبداعي لديه.

مشاهدة الكرتون تؤثر على الإبداع بالإيجاب لأنها تحفز الخيال، لكن الإفراط في مشاهدته أو المشاهدة السلبية قد تضعف التركيز والابتكار، لهذا يجب المراقبة الأبوية جيدًا.

خاتمة

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى خاتمة مقالنا الذي تناولنا فيه كل ما يخص تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال، فتحدثنا عن تعريفه، وأهميته، وذكرنا مواصفات البيئة التي يترعرع فيها، وعدّدنا طرق وأنشطة لتنميته.

نوصيكم باتباع النصائح السابقة والتعمق في البحث أكثر عن طرق تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال، وإلى اللقاء في مقال آخر يخص كل ما يضمن لأطفالنا حياة رائعة.

الأسئلة الشائعة حول تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال

هل يولَد الأطفال مبدعين أم أن الإبداع شيء يمكن تنميته؟

يمكن تنمية الإبداع عن طريق ممارسته وتشجيعه، حتى إن وُلِد الطفل بميول إبداعية محدودة.

ما هو السن الأفضل لتنمية التفكير الإبداعي عند الطفل؟

أفضل سن يكون من 3 إلى 7 سنوات، فتلك الفترة تعد الفترة الذهبية لتطوير مهارات الخيال والابتكار.

هل مشاهدة أفلام الكرتون تؤثر على الإبداع؟

أفلام الكارتون وغيرها تعد أنشطة تساعد الطفل على التفكير خارج حدود التقليدي والمألوف وتطلق العنان لخياله وبالتالي تنمي التفكير الإبداعي لديه.

كيف أستطيع التفرقة بين اللعب العشوائي الذي يمارسه طفلي وبين الإبداع؟

عادةً ما تصاحب اللعب الإبداعي تساؤلات أو قصص يختلقها الطفل حول اللعبة، أو حلول جديدة من ابتكاره للفوز باللعبة أو جعلها أكثر متعة وتسلية.

هل يتفوّق الطفل المبدع دراسيًا؟

لا يعني الإبداع زيادة التحصيل الدراسي بالضرورة، لكنه يساهم في مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي.

مصطفى اليماني، خريج نظم معلومات إدارية دفعة ٢٠١٣، يعمل في كتابة المحتوى منذ عام ٢٠١٩، وتخصص في عام ٢٠٢٣ في المحتوى التعليمي والتربوي والمحتوى المتعلق بصحة الأسرة والطفل. كما يعمل في مجالي الصحافة والترجمة الأدبية.