أبرز التحديات التي يواجهها الآباء والأمهات في تربية الأطفال

تربيه الأبناء اليوم ليست مُجرد مسئولية عادية أو دور يؤديه الأهل، فهي لا تقتصر علي توفير الطعام والملبس والمأوي وفقط، بل هي رحلة طويلة مليئة بالمسؤليات والقرارات والأعباء العاطفية والنفسيه التي تساهم في صنع إنسانًا كاملًا، حيث تشمل بناء شخصية متوازنة، وغرس القيم، وتعليم المهارات.

وفي ظل التطورات التكنولوجية والأنفتاح الثقافي والضغوط الأقتصادية، باتت مسئولية الأبوة والأمومة أكثر تعقيدًا في أي وقت مضي.

وهكذا تتحول التربية من واجب طبيعي إلي اختبار يومي لاينجح فيه من يحفظ القواعد بل من يصمد، ويجيد الاصغاء لما بين السطور.

في هذا المقال سوف نستعرض أبرز التحديات التي يواجهها الآباء والأمهات في تربية الأطفال في العصر الحالي

أولًا: التحديات النفسيه والعاطفية في تربية الأطفال

1- الخوف من نقل القلق الشخصي إلي الأبناء

إن الأطفال الذين يعيشون مع آباء يعانون من قلق غير مُعالج، فقد يظهر عليهم أعراض القلق حتي لو لم يتعرضوا لأي سبب مُباشر. ويرجع هذا إلى أن الطفل بطبيعته كائن حساس يلتقط سريعًا الأشارات العاطفية أكثر مما يلتقط الكلمات.

فقد يبتسم الآباء في وجه أبنائهم ولكنهم يحملون في صوتهم توترًا، أو في نظراتهم قلقًا لا يُفسر، ومع تكرار تلك الإشارات يتعلم الطفل القلق لا من تجربة شخصية بل من شعوره وإحساسه من والديه.

2- الضغط النفسي الناتج عن الشعور بالتقصير الدائم

أصبح الآباء والأمهات يعيشون اليوم تحت ضغط نفسي صامت لكنه مستمر، يسألون أنفسهم دومًا هل ما أفعله مع أطفالي صواب؟ هل أنا أب كافي ؟ هل أنا أم كافية ؟ ماذا عن كل ما لم أفعله بعد؟

هكذا يرددون دومًا حينما يروا أمامهم نماذج قد تكون مثالية من الخارج، ورغم معرفة ذلك إلا أن التكرار البصري والمقارنات المستمره قد تنتج أثرًا نفسيًا وعميقًا لدى الأطفال.

وبالتالي يجب علي الآباء والأمهات التركيز علي جودة العلاقة مع الطفل أكثر من الكمال الظاهري، والتقليل من مقارنة النفس بالأخرين.

3- التربية وسط بيئة أسرية متوترة أو مُفككة عاطفيًا

في كثير من البيوت يعيش الأطفال مع آبائهم لا يجمع بينهم الدفء وقد يغيب عنهم الحوار، أو تملأ حياتهم التوترات والخلافات الصغيرة التي لا تنتهي، فهنا يشعر الطفل بعدم الأمان العاطفي والقلق والتوتر المستمر، وكل هذه المشاعر لاتظهر فجأة على الطفل ولكنها تتراكم داخله في صمت وتنعكس لاحقا علي سلوكه، وشخصيته، وقدرته علي بناء علاقات صحية حين يكبر.

إن التربية وسط بيئة مفككة عاطفيًا لا تعني الفشل، لكنها تتطلب وعيًا مُضاعفًا، وجهدًا أكبر للحفاظ على براءة الطفل من التشوش الذي لم يكن طرفًا فيه.

تعرف أكثر على: أسس التربية السليمة للأطفال

ثانيًا: التحديات المجتمعية والثقافية أثناء تربية الأبناء

1- غياب الدعم المجتمعي الحقيقي للأهل

في الماضي كان تربيه الأبناء مسؤلية يشارك فيه الجميع، أما اليوم فكثير من الأباء والأمهات يشعرون أنهم وحدهم تمامًا في هذه المهمه الصعبه. لذا فإن غياب الدعم المجتمعي للأهل من أبرز التحديات التي يواجهها الأباء والأمهات في تربية الأبناء.

2- تحدي الحفاظ على المبادئ في مجتمع سريع التغيّر

في الماضي أيضا كانت القيم والعادات والتقاليد والمبادئ التي يعلمها الأهل لأبنائهم واضحة ومقبولة من المجتمع، ولكن اليوم مع تغير العالم بسبب الإنترنت والسوشيال ميديا، وانفتاح الأطفال علي ثقافات متعددة أصبح من الصعب غرس هذة المبادئ كما كانت.

فالحفاظ على المبادئ والعادات والتقاليد الصحيحية في هذا العصر ليست بالأمر السهل، ولكنه ليس مستحيلاً. فمن المهم أن يكون الأهل واعين، ومرنين، وفي الوقت نفسه ثابتين على الأساس الذي يريدون بناءه في أبنائهم.

ثالثًا: التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا والتأثير الرقمي

1- الفجوة الرقمية بين الأهل وأبنائهم

أصبحت المعرفة التقنية لدى الأبناء تفوق في كثير من الأحيان عن الأهل حيث أن الكثير من الأهل لا يستطيعون تقييم أو مراقبة مايفعله أبنائهم رقميًا، لانهم ببساطه لا يفهمونه بالقدر الكافي فهذا يفقد الأهل القدرة علي التوجية او الحماية الرقمية مما يجعل الأبناء أكثر عُرضه للمخاطر، حيث لا يُشترط أن يكون الأهل خبراء تقنيين، ولكن عليهم أن يكونوا مُلمين بأساسيات ما يستخدمه أبناؤهم.

2- ضغط المقارنات على مواقع التواصل

مواقع التواصل الأجتماعي أصبحت أحد أكثر الأسباب التي تؤدي للمقارنة اليومية سواء في الشكل أو النجاح أو الحياة أو حتى طريقة التربية، فبالتالي تلك المُقارنات قد تؤدي الي نقص الثقه بالنفس والإحباط والغيرة.

وبسبب وقوع الأباء والأمهات تحت ضغط المقارنة المستمر، يبدأون في إتخاذات قرارات مبنية على مايفعله الاخرون لا علي ما يناسب ابنائهم فعلا، لذا من المهم أن يتم تشجيع الأهل على مقارنة أنفسهم بأنفسهم لا بالأخرين، وأن يدركوا أنهم ليسوا مُطالبين بأن يكونوا مقل الآخرين أو أن يكونوا مثاليين، ولكن أن يكونوا حقيقيين.

رابعًا: تحديات في منهج وأسلوب التربية

1- الاختيار بين التربية بالمشاركة، والتربية بالتحكّم

عند اتباع اسلوب التربية بالمشاركة قد يكون الطفل جزءًا من القرار، أما التربية بالتحكم فالطفل يفرض عليه كل شئ من والديه. فبعض الأباء والأمهات يربون أبنائهم بحرية زائدة دون توجيه حقيقي وملموس، مما يفقد الطفل الاحساس بالمسؤولية أو بالالتزام بالحدود.

يربي البعض الآخر من أولياء الأمور بأسلوب قائم على التحكم الزائد بدون نقاش، ونتيجة لهذا الاسلوب الخاطئ يفقد الطفل الشعور بالثقة والاحترام.

2- كسر دائرة التربية العصبية المتوارثة

حيث أن الكثير من الأهل يربُون أبناءهم بنفس الأسلوب الذي تربّوا به، حتى لو كان هذا الأسلوب مؤذيًا: صراخ، إهانة، ضرب، تخويف.

ليس لأنهم قساة، بل لأن هذا ما عرفوه وتربوا به، وهنا سوف يشعر الأبناء بالخوف المستمر وعدم الأمان وقد يتوارثوا الغضب والعنف فيما بعد، فيمكن أن تربي بحزم دون عنف وأن تحفز دون تهديد.

3- الارتباك بين الاستماع للطفل وقيادته بثقة

من المهم أن نستمع لمشاعر أبنائنا، لكن هذا لا يعني أن نوافقهم دائمًا. فبعض الأهل يخافون من الحزم حتى لا يُغضبوا أبناءهم، وبعضهم يسكتون أبنائهم ولا يسمتعون لهم.

4- تقبّل الطفل كما هو، لا كما يتمنى الأهل أن يكون

بعض الأهل يعلقون أحلامهم على أبنائهم ،فيريدون مثلًا أن الأبن يكون مثل أبية أو يكون مثل شخصًا أخر له مكانه عالية، فهُنا قد يشعر الطفل بأنه غير مقبول كما هو وتنكسر ثقته بنفسه ويبدأ في الانغلاق على نفسه. فيجب علي الأباء والأمهات أن يسمحوا لأبنائهم بأن يكونوا أنفسهم.

ندى زواوي
كاتبة محتوى