نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

في كل بيت تقريبا لا تخلو الحياة اليومية من جمل مثل: “شوف أخوك شاطر ازاي؟” و “ليه ما نجحتش بدرجات مرتفعة مثل زميلك الفلاني”، وغيرها. جمل قد نطلقها كآباء وأمهات بنية حسنة من منطلق المقارنة بين الأطفال على سبيل التحفيز والتشجيع، لكنها للأسف تحمل في طياتها واحدة من أكثر العادات التربوية ضررا على صحة الطفل النفسية.
المقارنة بين الأطفال ليست مجرد سلوك لحظي، بل تجربة نفسية يمر بها الطفل تؤثر على صورته الذاتية، وتقديره لنفسه، وعلاقاته مع إخوته وأقرانه، بل وقد تمتد آثارها النفسية إلى مراحل عمرية متقدمة.
ولما لهذا الموضوع من أهمية كبيرة بسبب حساسيته لكل الأطراف، الوالدين والاطفال على حد سواء أعددنا لكم هذا المقال لنتعرف معا على المقصود بمفهوم المقارنة بين الاطفال، وهل يوجد أنواع للمقارنة، وما هي الآثار النفسية المترتبة عليها وأهم البدائل التربوية السليمة لتعزيز ثقة الطفل وتحفيزه بشكل صحي وفعال.
ما المقصود بالمقارنة بين الأطفال؟
المقارنة بين الأطفال هي عملية غير واعية – في أغلب الأحيان – يتم من خلالها قياس سلوك أو أداء الطفل بناء على نموذج طفل آخر يُقدم له على أنه “النموذج الأفضل والمثالي” وغالبًا ما تأتي هذه المقارنة من الوالدين، لكنها قد تحدث أيضًا من المعلمين في المدارس والحضانات أو المحيط الاجتماعي بشكل عام.
فالمقارنة بين الاطفال ليست مجرد مقارنة أكاديمية أو سلوكية للطفل، بل تصبح في نظره تقييما لقيمته، ورسالة محتواها: “لن تُقبل كما أنت، بل عندما تصبح مثل غيرك”.
أنواع المقارنة بين الأطفال
عند الحديث عن المقارنة بين الأطفال وبعضهم البعض، من المهم لنا أن نفرق بين نوعين أساسيين من المقارنة، وهما:
النوع الأول: المقارنة المباشرة السلبية
المقارنة السلبية بين الاطفال هي محور حديثنا اليوم وهي التي يُستخدم فيها أداء أو سلوك طفل آخر كنموذج مثالي، في مقابل التقليل أو التوبيخ غير المباشر للطفل المُخاطب. وبالطبع هي الأكثر شيوعا في البيوت والمدارس، وغالبا ما تُقال بنية التحفيز، لكنها تؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا.
النوع الثاني: المقارنة الإيجابية
المقارنة الإيجابية قد تبدو للوهلة الأولى أقل ضررًا، بل قد يعتبرها البعض “أداة تربوية ذكية”، لأنها تشير إلى سلوك جيد يمكن الاقتداء به، دون استخدام نبرة هجومية. لكنها للأسف سلاح ذو حدّين، وقد تنقلب لنتائج عكسية إذا لم تُستخدم بوعي شديد.
استخدام المقارنة كوسيلة لتحفيز الطفل
من أكثر الأخطاء التربوية انتشارًا، والتي يقع فيها الآباء والأمهات بحسن نية، هي استخدام المقارنة بهدف التحفيز. فبدلًا من أن نوجّه الطفل مباشرة، نلجأ إلى إظهار تفوّق غيره عليه، معتقدين أن هذا سيحمسه وسيدفعه إلى التحدي والاجتهاد.
لكن الواقع التربوي والنفسي يقول العكس تمامًا. فالمقارنة لا تُحفّز… بل تُضعف.
وما يبدو دافعًا للحماس، يتحول في عقل الطفل إلى حكم قاس، يشكك في قيمته، ويفقده الأمان.
لماذا لا تنجح المقارنة في تحفيز الطفل؟
بالطبع لا تنجح المقارنة بين الأطفال لأنها تبني التحفيز على أساس خارجي وليس داخلي، فعلى العكس الشائع فإن التحفيز الحقيقي ينبع من الداخل، ينبع من رغبة الطفل في التقدم، والشعور بالإنجاز ومن تقديره لنفسه.
كما أن المقارنة تزرع في الطفل شعورا مشوها لقيمته ونظرته إلى نفسه، حيث أنه بدلا من أن يسعى إلى أن يحسن من نفسه، فيشعر بأنه غير مقبول مهما حاول، ما لم يتحول إلى نسخة من أخوه أو زميله.
يمكننا أن نقول أيضا أن هذه المقارنة بين أطفالنا وزملائهم تفسد العلاقة بينهم وتحول الروح السائدة في البيت أو المدرسة من الحب والتعاون إلى الكره والغيرة والنفور.
فالمقارنة لا تنجح لأنها لا تبني شخصية قوية، ولا تزرع الثقة، ولا تُنتج دافعًا حقيقيًا، بل تخلق شعورًا بالرفض المشروط، وتحوّل العلاقة التربوية من شراكة إلى صراع داخلي..
التأثيرات النفسية والسلوكية للمقارنة بين الأطفال
عند الحديث عن أضرار المقارنة بين الأطفال، والتأثيرات النفسية والسلوكية التي تسببها، فيمكننا أن نقول بأن أخطر ما تفعله المقارنة هو أنها تهز ثقة الطفل في نفسه من الجذور، فهي لا تصنع طفلا أفضل على عكس الشائع بين الآباء والأمهات.
وفيما يلي قائمة بالتأثيرات السلبية النفسية والسلوكية للمقارنات بين الاطفال:
- القلق الدائم والخوف من المحاولة: فعندما ترتبط المحاولة دائما بالمقارنة، يتحول الخطأ إلى تهديد، ويتحول الفشل إلى شعور بالعار، بجانب الخوف المستمر من عدم الرضا، والتعلق بالكمال ومحاولة تجنب الأخطاء بأي ثمن.
- الغيرة والعداء بين الإخوة والزملاء: فحين يقارن الطفل بأخيه أو بقرينه فإن العلاقة بينهما تتحول من الحب والصداقة والتعاون إلى الغيرة الغير محمودة والمنافسة السلبية.
- انخفاض تقدير الذات وتدني الثقة بالنفس: حيث يشعر الطفل بأنه غير مقبول كما هو، ويجب عليه أن يتشبه بالآخرين حتى ينال حب وثقة والديه.
- التصنع والانغلاق وعدم تقبل الذات: فالمقارنة تجبر الطفل على ارتداء شخصية غير شخصيته الحقيقية، فقط من اجل أن يحظى بالقبول، مما يتسبب في ضياع هويته.
المقارنة ليست فقط خطأ تربوي بسيط، بل بيئة نفسية خانقة تقتل الدافعية، وتشوّه العلاقات، وتُنتج طفلًا يعيش صراعًا داخليًا لا يراه أحد، على عكس مبادئ وأسس التربية السليمة.
أهم البدائل التربوية الفعالة لتحفيز الأطفال دون مقارنتهم بالآخرين

- امدح الجهد الذي بذله طفلك لا النتيجة: لأن مدح الجهد يعزز في عقل الطفل فكرة أن التقدير مرتبط بالمحاولة والاجتهاد، وليس فقط بالنتيجة.
- قارن الطفل بنفسه لا بالأخرين: احرص عند استخدام المقارنة، بأن تقارن فقط بين الطفل ونفسه وما كان عليه في السابق.
- احتفل بالإنجازات الصغيرة التي يحققها طفلك: لا تنتظر انجازا كبيرا وعظيما من أجل أن تحتفل بنجاح طفلك فيه، وتأكد من أن كل نجاح بسيط، فهو خطوة صغيرة من طفلك نحو الأفضل.
- تقبل الاختلاف: يجب أن لا تتوقع بأن يكون جميع الأطفال على نفس القدر من الفهم والأداء والاهتمامات، فتقبلك لاختلاف طفلك، ودعمه في اهتماماته الخاصة أحد أهم وسائل التحفيز الفعالة.
- امنح طفلك الوقت الكافي: اعطائك الوقت الكافي لطفلك في التعلم والمناقشة والحوار له أكبر الأثر في تعزيز ثقته في نفسه وتنمية مهاراته الاجتماعية.
- حاور طفلك بدلا من مقارنته: فتح باب الحوار بين الأهل وأطفالهم، يساهم بشكل كبير في تحفيز الأطفال ودعمهم، بسبب منحهم الثقة، وفتح أبواب التغيير المقبول.
- كن قدوة لأطفالك في التعامل مع الخطأ: أحد أفضل الوسائل التربوية الفعالة هي أن يرى الطفل المبادئ التي يسمع عنها تتحقق أمامه في الواقع، لذا تعامل مع الأخطاء التي تقع فيها بشكل إيجابي، حتى يتعلم الطفل التعامل معها على نفس المنوال.
تعرفي أيضا على: أهم النصائح للأمهات في تربية الأطفال
الأسئلة الشائعة حول المقارنة بين الأطفال
هل المقارنة بين الأطفال تعتبر دائما أمرا سلبيا؟
نعم، في الغالب تؤدي المقارنة إلى نتائج سلبية، خاصة إذا كانت تُستخدم بشكل مباشر لتفضيل طفل على آخر. حتى المقارنة الإيجابية قد تتحوّل إلى ضغط نفسي إذا لم تُقدَّم بحذر. الأفضل دائمًا هو التركيز على تطوّر الطفل مقارنة بنفسه.
لماذا ينصح بمدح الجهد بدلًا من النتيجة؟
لأن مدح الجهد يُرسّخ في ذهن الطفل أن القيمة الحقيقية تكمن في المحاولة والاجتهاد، وليس فقط في النتيجة النهائية. هذا النوع من المدح يعزز عقلية النمو ويحفّز الطفل على الاستمرار والتجربة دون خوف من الفشل.
كيف أحتفل بإنجازات طفلي البسيطة بطريقة مؤثرة؟
التقدير لا يعني بالضرورة الاحتفال الكبير، بل يكفي الاعتراف اللفظي الصادق مثل: “أنا لاحظت إنك حاولت بجد”، أو “خطوة رائعة، أنا فخور بك”. المتابعة والدعم اللحظي أكثر فعالية من الهدايا المادية أحيانًا.
ما معنى المقارنة بالنسبة للأطفال؟
المقارنة بالنسبة للطفل ليست مجرد ملاحظة، بل رسالة تمسّ شعوره بقيمته. حين يُقارن بغيره، يبدأ في قياس نفسه على معيار خارجي، وقد يشعر أنه لا يستحق التقدير إلا إذا أصبح مثل الآخر. هذا الشعور يُضعف ثقته بنفسه ويؤثر على نموه العاطفي والاجتماعي.
كيف تتوقف عن مقارنة أطفالك بالآخرين؟
مراقبة اللغة التي نستخدمها في التواصل مع الأطفال بشكل يومي، والابتعاد عن جمل المقارنة، بجانب التركيز على تنمية الطفل، وأيضا مدح جهوده.
عمرو الخولي كاتب محتوى محترف بخبرة أكثر من 8 سنوات في كتابة المحتوى والمقالات التعليمية، وإعداد الأدلة الإرشادية، وتصميم المحتوى المتخصص للمواقع التعليمية.
مهتم بتقديم محتوى مبسط، موثوق، ومُحسّن لمحركات البحث (SEO) أساعد الطلاب، المعلمين، وأولياء الأمور على الوصول للمعلومة بسهولة.
على مدار سنوات عملي تعاونت مع العديد من المنصات التعليمية لتطوير محتوى عالي الجودة يغطي موضوعات مثل: التعلم الإلكتروني، الكورسات الأونلاين، أدوات التدريس الحديثة، ونصائح تحسين الأداء الدراسي.