الغش في الثانوية العامة: مستقبل يُرسم وآخر يُهدم

الثانوية العامة ليست مجرد مرحلة تعليمية وحسب بل هي محطة فاصلة ومهمة في حياة كل طالب إذ تعتبر بوابة حقيقية لمستقبله والمحدد الأساسي لمسار حياته، ولذلك يبذل كل طالب أقصى جهوده في المذاكرة والحصول على أعلى الدرجات حتى لا يقع تحت طائلة الفشل, ولذلك فهي ليست ضغط تعليمي على الطالب وحده فحسب بل ضغط نفسي كبير يمتد إلى كل فرد في الأسرة خوفًا من ضياع فرصة ابنهم في الالتحاق بكلية مرموقة وقلقًا من نظرة المجتمع له نظرة تدني واستعلاء.

ولذلك تحصل الثانوية العامة على اهتمام غير عادي من الاعلام ووسائل التواصل، حيث يتابع أخبارها الآلاف من الأسر المصرية منذ اعلان جدول الامتحان ومتابعة تقييم الطلاب لمدى سهولة أو صعوبة كل امتحان مرورًا بكل تفاصيلها حتى اليوم المنشود وهو يوم إعلان النتيجة وانتظارهم أمام أجهزة التلفاز لمؤتمر السيد وزير التربية والتعليم وهو يعلن النتيجة وفرحتهم لأوائل الطلاب وشعورهم كأن هذا الطالب فرد من عائلتهم.

تعرف على: أهم النصائح للإستعداد للثانوية العامة

الغش في الثانوية العامة وأضراره على الفرد والمجتمع

ولكن هناك شئ يهدد نزاهة هذه المرحلة التعليمية وهو منتشر بشكل كبير في السنوات الأخيرة وهو الغش في امتحانات الثانوية العامة، ومع تطور التكنولوجيا تتطور معها طرق الغش ابتدءًا من طرق الغش التقليدي بتداول الإجابات شفهيًا بين الطلاب مرورًا بالسماعات السلكية واللاسلكية لانتشار جروبات خاصة بالغش على وسائل التواصل الاجتماعي وأشهرها تطبيق التليجرام حيث يقوم الطالب بتحميل الامتحان في الخفاء على هذا التطبيق ثم في خلال دقائق تنتشر الاجابات الصحيحة بينهم ثم “نجح الجميع”.

نعم نجح الجميع في الامتحان، لكنه نجاح زائف ومؤقت وليس تفوق دائم .. نعم حصلت على أعلى الدرجات في امتحان الثانوية ولكن ماذا عن باقي المرحلة التعليمية وماذا عن امتحان الحياة وهو مابعد التخرج.

كيف ستكون مسئوول عن أرواح الناس ومستقبلهم حين تتخرج من الكلية المرموقة ولكنك لا تفقه شئ !! كيف ستثبت لنفسك وللعالم أنك على قدر هذه الثقة والمسؤولية وأنت في الأساس وصلت لهذه المرحلة بمجهود طلاب آخرين !!

اقرأ المزيد عن: الفشل الدراسي وطرق التعامل معه

مجهودات وزارة التربية والتعليم في مكافحة الغش في الثانوية العامة

ولذلك تسعى الوزارة بأقصى جهودها تحجيم هذه المشكلة قدر المستطاع، إذ وضعت قوانين ولوائح صارمة تهدف إلى مكافحة هذه الآفة الضارة والتي تتسبب في ضياع فرص من يستحق وإعطائها لمن لا يستحق.

حيث نصت المادة الأولى من قانون مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات على فرض غرامة على كل من تسبب أو شرع في نشر

ونصت المادة الأولى من قانون مكافحة أعمال الاخلال بالامتحان على “مع عـدم الإخـلال بأحكام قـانون الطفـل الصادر بالقـانون رقـم 12 لسنة 1996، ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قــانون آخــر، يعــاقب بالحبــس مـدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتى ألف جنيه، كل من طبع أو نشر أو أذاع أو روج بأي وسيلة أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أى نظم تقييم فى مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية، بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات

ويعاقب على الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من هذه المـادة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد علي خمسين ألف جنيه، أو بإحدي هاتين العقوبتين
ويحكم بحرمان الطالب الذي يرتكب غشًا أو شروعًا فيه أو أي فعل من الأفعال المنصوص عليها بالفقرتين السابقتين من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته ، ويعتبر راسبًا في جميع المواد.

رأي الدين في هذه الظاهرة

ومن الناحية الدينية أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى على صفحته على “فيسبوك” بيانًا يؤكد فيه على تحريم الاسلام للغش لانه سلوك يهدر الحقوق ويهدم مبدأ تكافؤ الفرص ويؤثر بالسلب على مصلحة الفرد والمجتمع.
وأوضح المركز في بيانه على أن الاسلام حث على طلب العلم ولكن على طالب العلم أن يتحلى بآداب معينة كالاخلاص لله وتقواه في السر والعلن، كما أكد على أن النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” تبرأ من الغش حيث قال في حديثه “من غشنا فليس منا”.

النجاح الحقيقي ليس في نتيجة الثانوية العامة

وفي النهاية نؤكد على أن الثانوية العامة مرحلة مهمة ولكنها ليست نهاية الطريق ولا المقياس الوحيد للنجاح أو الفشل، النجاح ليس في امتحان الثانوية فقط بل فيما اكتسبه الطالب أيضًا من معلومات وقيم وأخلاق تساعده على الاستمرار في حياته بنزاهة وشفافية وخلق مجتمع ناجح بأجيال سوية وعقول سليمة وواعية.