نؤمن بأن التعليم رحلة تستمر مدى الحياة، لذلك نقدم لك في مدونتنا محتوى غني ومتنوع يساعدك في تطوير مهاراتك وتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية.

مثل أي مرحلة هامة نمر بها في مراحل أعمارنا المختلفة، فإن التعامل مع الأطفال في الحضانة يعتبر المرحلة الأهم في رحلة الطفولة، حيث تمثِّل الحضانة بوابة الطفل للتعامُل الأول خارج نطاق الأسرة، وفيها يبدأ بالتعرف على العالم الاجتماعي ويتعلم اكتساب مهارات جديدة، وطرق التواصل مع الأشخاص.
وهكذا، نفهم أن التعامل مع الأطفال في الحضانة لا يشمل فقط التعليم والترفيه، بل يشمل الدعم النفسي وتنمية السلوك وتعزيز الثقة بالنفس. وبما أنها مرحلة حرجة إلى هذه الدرجة، يصبح هناك دور حساس على المعلِّم ووليّ الأمر يرتكز على الفهم الجيد لطرق التعامل السليم مع أطفال الحضانة.
وبناءً عليه، نقدم لكم مقالنا هذا، حيث نتطرق فيه إلى أساليب التعامل مع الأطفال في الحضانة، وكيفية حل المشكلات السلوكية، ودور المعلمين والأهل في التعامل السليم مع الأطفال. وإلى المقال.
تأثير الحضانة على الطفل
تقول الحكمة السائدة “من شبّ على شيء شاب عليه”، وتلك الحكمة تنطبق على تأثير الحضانة على الطفل بشكلٍ كبير، فسنوات الحضانة مرحلة تأسيسية في حياة الطفل، يتكوَّن خلالها جزء كبير من شخصيته وسلوكياته، وإذا أردنا أن ننشئ طفلًا سويًا، فالبداية تكون من الحضانة دائمًا، ففيها يبدأ الطفل في التفاعل مع الآخرين خارج نطاق الأسرة، ويتعلم مهارات جديدة مثل المشاركة، احترام القواعد، والتعبير عن مشاعره.
وإذا تعاملنا بشكلٍ إيجابي مع الطفل في مرحلة الحضانة، فستُعزَّز ثقته بنفسه، وتُغرَس فيه قيمًا اجتماعية مثل التعاون والاحترام والاعتماد على النفس، وبهذا، نشكِّل شخصية مستقرة قادرة على التكيُّف في المستقبل.
تعرف على: أنواع مناهج رياض الأطفال
كيف يمكن السيطرة على الأطفال في الحضانة؟
من أكثر الأسئلة الشائعة في موضوع التعامل مع الأطفال في الحضانة، حيث يتخوَّف البعض ممن ليس لديهم باع طويل في هذا المجال من فقدان السيطرة على الأطفال في الحضانة، فتتحول من ساحة تربوية تنموية إلى ساحة للبكاء والشكوى والتنمر والركض المستمر. إلا أن الإجابة هي البساطة ذاتها. فكما يلعب الآباء دورهم في السيطرة على الأطفال في البيت، تلعب المربّيات والمعلمات دورًا محوريًا في التعامل مع الطفل داخل بيئته الجديدة (الحضانة).
المربّيات والمعلِّمات هن القدوة الأولى خارج المنزل، وتفاعلهن مع الأطفال يؤثر بشكلٍ مباشر على شعورهم بالأمان والانتماء للمكان. ومن مواصفات المعلِّمات:
- الصبر.
- الاحتواء.
- القدرة على فهم الفروق الفردية بين الأطفال.
- استخدامهن أساليب تربوية إيجابية تعزز النمو العقلي والعاطفي.
ويجب أن تُبنى العلاقة بين المعلمة والطفل على الثقة، لأن مثل هذه العلاقات هي ما يشكِّل بيئة آمنة يحتاجها الطفل لينمو ويتعلم بثقة.
كيف أتعامل مع الطفل المشاغب في الروضة
سؤال آخر يتكرر كثيرًا عند التطرُّق للحديث عن التعامل مع الأطفال في الحضانة. لا بدّ في البداية أن نفهم أن الشغب مشكلة سلوكية تتنوع في الحضانة بين العدوانية، البكاء المفرط، أو العناد، وكلها تحديات قد تواجه المعلمات في الحضانة بشكلٍ يومي. ومع هذه المشكلات، من المهم أن نستخدم أساليب تربوية إيجابية تركِّز على “الفهم” لا العقاب.
- مثلًا، يُنصح بالجلوس مع الطفل للتحدث معه وفهم سبب السلوك، ثم توجيهه بلطف نحو بدائل مناسبة.
- يفضَّل أيضًا تطبيق نظام ثابت من القواعد السلوكية مع مكافآت إيجابية بسيطة لتشجيع الأطفال على تحسين سلوكياتهم.
كل هذا يرسخ لدى الأطفال مفهوم الصواب والخطأ بطريقة غير مؤذية نفسيًا.
تنظيم يوم الطفل داخل الحضانة
إن تنظيم يوم الطفل داخل الحضانة قد يعتبر التحدي الأكبر ضمن التعامل مع الأطفال في الحضانة، لكن قد يسهُل الإجابة على تلك النقطة إذا اعتبرنا أن هدفنا الأساسي هو بناء بيئة آمنة ومحفزة للطفل داخل الحضانة. تبدأ البيئة الآمنة من نظافة المكان، سلامة الألعاب والأثاث، وتصل إلى شعور الطفل بالأمان النفسي، ولا يتحقق الأمان النفسي إلا بعلاقة داعمة مع المربّيات.
أما البيئة المحفِّزة، فتُبنى من خلال توفير أنشطة متنوعة تناسب أعمار الطفل، أنشطة تشجع على الاكتشاف واللعب والتعبير الفني.
يمكن تنظيم يوم الطفل داخل الحضانة أيضًا من خلال إدخال المساحات المفتوحة، والزوايا التعليمية، والمواد البصرية التفاعلية ضمن جدولهم اليومي، فهذه الأشياء تحفّز قدرات الأطفال وتعزِّز حبهم للتعلم.
كيف أكون معلمة حضانة ناجحة؟
إن التعامل مع الأطفال في الحضانة يحتاج معلمة غير تقليدية، معلمة ذات أسلوب مرن يسمح بما هو أكثر من الشرح والتلقين، حيث تلعب المعلمات في الحضانة دورًا محوريًا في تشكيل سلوك الطفل وشخصيته خلال سنواته الأولى. ومن أهم صفات المعلمة الناجحة في الحضانة: الصبر – المرونة – القدرة على التواصل العاطفي واللفظي مع الأطفال.
العلاقة بين الطفل والمعلمة يجب أن يكون أساسها الثقة والطمأنينة، حيث يرى الطفل لمعلمته مصدر الأمان الأول له خارج المنزل.
من هنا، يجب أن تتسم المعلمة في الحضانة بالحنان والاحتواء، حيث أن الطفل لا يتفاعل بشكل جيد في بيئة جامدة أو صارمة، بل يحتاج إلى من يحتويه ويتفهم مخاوفه ويشجعه بكل لطف.
كيف أساعد طفلي على التأقلم في الحضانة
ومثلما للمعلِّمات والمربّيات دور كبير في التعامل مع الأطفال في الحضانة، للأسرة أيضًا دورها. فالطفل يحتاج إلى دعم أسري يكمل ما يتعلّمه في الحضانة. لهذا، ومن أجل تهيئة الطفل للحضانة بشكل سليم فإننا ننصح بخلق روتين يومي مشابه لما يتعلمه الطفل في الروضة، مثل أوقات القراءة أو الترتيب أو اللعب الجماعي.
ومن المهم أيضًا أن يكون هناك تواصل جيد بين الأسرة والحضانة لمتابعة سلوك الطفل وتقدمه ومناقشة أي تغيرات قد تطرأ عليه. ويمكن للأسرة مساعدة الطفل على التأقلم مع الحضانة بالحديث الإيجابي عن الحضانة في المنزل، وجعله يعتاد على الابتعاد التدريجي عن الأسرة وتعزيز ثقته بنفسه.
كيفية التعامل مع الطفل في أول يوم في الروضة
أول يوم في الروضة يمثِّل النقطة الأكثر صعوبة في التعامل مع الأطفال في الحضانة. فدائمًا ما يصاحب الطفل في اليوم الأول شعور الخوف والقلق. إنه اليوم الأول له بعيدًا عن بيئته المحببة المعتادة (المنزل) وبعيدًا عن أسرته ووالدته المحبَّة. لهذا يُنصَح بالحديث المسبق مع الطفل عن الروضة بشكلٍ إيجابي وشرح ما سيحدث فيها من أنشطة وتعليم بشكلٍ مبسّط ومطمئِن.
- يفضّل أن تصطحب الطفل بنفسك في اليوم الأول. تأكد من أن تودعه بطريقة دافئة وحاسمة في آنٍ واحد ولا تُطِل أو تتردد حتى لا تنقل الشعور إليه.
- امنح الطفل شيئًا صغيرًا يحبه، فيحتفظ بذلك بشيء من بيئته الأولى يمنحه شعورًا بالأمان.
- بعد عودته من الحضانة، اسأله عن يومه واظهِر اهتمامك بدون ضغط.
- اثنِ عليه مهما كانت تجربته بسيطة فتشجعه وتحفزه وتبث في نفسه الثقة.
الدعم النفسي والتشجيع هما أساس تكوين تجربة إيجابية لطفلك في بداياته بالحضانة.
خاتمة
في هذا المقال الهام تناولنا الكثير مما يهم الأسرة والمعلِّمات في موضوع التعامل مع الأطفال في الحضانة، فذكرنا أهمية الحضانة للطفل، ودور الأسرة والمعلمات والمربيات في تنشئة طفل سوي، وكيف يمكن أن نساعد الطفل على التأقلم مع الحضانة، وبالطبع، كيفية التعامل مع الطفل في أول يوم له في الروضة. ليست هذه خاتمة تامة، فالموضوع هام وأطول من أن نتناوله في مقال واحد، فانتظرونا في مقالات أخرى من هذه النوعية.
مصطفى اليماني، خريج نظم معلومات إدارية دفعة ٢٠١٣، يعمل في كتابة المحتوى منذ عام ٢٠١٩، وتخصص في عام ٢٠٢٣ في المحتوى التعليمي والتربوي والمحتوى المتعلق بصحة الأسرة والطفل. كما يعمل في مجالي الصحافة والترجمة الأدبية.